يؤكدان ما عليه أهل السنة أبلغ تأكيد ولكن الزمخشري لا يعبأ بذلك 1 فمثله كمثل الكلب وهو الحيوان المعروف وجمعه أكلب وكلاب وكلابات كما قال ابن سيده وكليب كعبيد وهو قليل ويجمع أكلب على أكالب وبه يضرب المثل في الخساسة لأنه يأكل العذرة ويرجع في قيئه والجيفة أحب إليه من اللحم الغريض 2 نعم هو أحسن من الرجل السوء ومما ينسب إلى الشافعي رضي الله تعالى عنه : ليت الكلاب لنا كانت مجاورة وليتنا ما نرى ممن نرى أحدا إن الكلاب لتهدأ في مرابضها والناس ليس بهاد شرهم أبدا وفي شعب الإيمان للبيهقي عن الفقيه منصور أنه كان ينشد لنفسه : الكلب أحسن عشرة وهو النهاية في الخساسة ممن ينازع في الريا سة قبل أوقات الرياسة والمثل بمعنى الصفة كما قال غير واحد فصفته كصفة الكلب وقيل المراد أنه كالكلب في الخسة إن تحمل عليه أي شددت عليه وطردته يلهث أو تتركه على حاله يلهث أي أنه دائم اللهث على كل حال واللهث إدلاع اللسان بالنفس الشديد وذلك طبع في الكلب لا يقدر على نغص الهواء المتسخن وجلب الهواء البارد بسهولة لضعف قلبه وإنقطاع فؤاده بخلاف سائر الحيوانات فإنها لا تحتاج إلى النفس الشديد ولا يلحقها الكرب والمضايقة إلا عند التعب والإعياء وإيثار الجملة الإسمية على الفعلية بأن يقال : فصار مثله كمثل الخ للإيذان بدوام إتصافه بتلك الحالة الخسيسة وكمال إستمراره عليها والخطاب في فعلي الشرط لكل أحد ممن له حظ من الخطاب فإنه أدخل في إشاعة فظاعة حاله والجملتان الشرطيتان قيل لا محل لهما من الإعراب لأنهما تفصيل لما أجمل في المثل وتفسير لما أبهم فيه ببيان وجه الشبه على منهاج قوله تعالى : خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون إثر قوله سبحانه وتعالى : إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم وقيل : إنهما في محل النصب على الحالية من الكلب بناء على تحولهما إلى معنى التسوية كما تحول الإستفهام إلى ذلك في قوله تعالى : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم كأنه قيل لاهثا في الحالين والجملة الشرطية كما قدمنا تقع حالا مطلقا وقال صاحب الضوء : إنها لاتكاد تقع كذلك بتمامها بل إذا أريد وقوعها حالا جعلت خبرا عن ذي الحال نحو جاءني زيد وهو أن تسأله يعطك فتجعل جملة إسمية مع الواو لأن الشرط لصدراته لا يكاد يرتبط بما قبله إلا أن يكون هناك فضل قوة نعم يجوز إذا أخرجتها عن حقيقتها سواء عطف عليها النقيض وحينئذ يجب ترك الواو كما فيما نحن فيه أو لم يعطف وحينئذ يجب الواو لئلا يحصل الإلتباس بالشرط الحقيقي نحو آتيك وإن لم تأتني والتشبيه قيل من تشبيه المفرد بالمفرد وقيل وعليه كثير من المحققين إنه تشبيه للهيئة المنتزعة مما عراه بعد الإنسلاخ من سوء الحال واضطرام القلب ودوام القلق والإضطراب وعدم الإستراحة بحال من الأحوال بالهيئة المنتزعة مما ذكر في حال الكلب وجاء وقد أشرنا إليه سابقا أن بلعام لما دعا على موسى عليه السلام خرج لسانه فتدلى على صدره وجعل يلهث كالكلب إلى أن هلك فوجه الشبه إما عقلي أو حسي ذلك إشارة إلى وصف الكلب أو المنسلخ من الآيات وما فيه من الإيذان بالبعد لما مر غير مرة