له أن علماء السوء أسوأ وأقبح من ذلك فما أنعاه من مثل عليهم وما هم فيه من التهالك في الدنيا مالها وجاهها والركون إلى لذاتها وشهواتها من متابعة النفس الأمارة وإرخاء زمامها في مرامها عافانا الله تعالى والمسلمين من ذلك .
ونقل عن مولانا شيخ الإسلام شهاب الدين السهروردي أنه كتب إلى الإمام فخرالدين الرازي تغمدهما الله تعالى برضوانه من تعين في الزمان في نشر العلم عظمت نعمة الله تعالى عليه فينبغي للمتيقظين الحذاق من أرباب الديانات أن يمدوه بالدعاء الصالح ليصفي الله تعالى مورد علمه بحقائق التقوى ومصدره من شوائب الهوى إذ قطرة من الهوى تكدر بحرا من العلم ونوازع الهوى المركوز في النفوس المستصحبة إياه من محتدها من العالم السفلي إذا شابت العلم حطته من أوجه وإذا صفت مصادر العلم وموارده من الهوى أمدته كلمات الله تعالى التي ينفد البحر دون نفادها ويبقى العلم على كمال قوته وهذه رتبة الراسخين ي العلم لا المترسمين به وهم ورثة الأنبياء عليهم السلام كر عملهم على علمهم وتناوب العلم والعمل فيهم حتى صفت أعمالهم ولطفت وصارت مسامرات سرية ومحاورات روحية وتشكلت الأعمال بالعلوم لمكان لطافتها وتشكلت العلوم بالأعمال لقوة فعلها وسرايتها إلى الإستعدادات وفي إتباع الهوى إخلاد إلى الأرض قال تعالى : ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فتطهير نور الفكرة عن رذائل التخيلات والإرتهان بالموهومات التي أورثت العقول الصغار والمداهنة للنفوس القاصرة هو من شأن البالغين من الرجال فتصحب نفوسهم الطاهرة الملأ الأعلى فتسرح في ميادين القدس فالنزاهة النزاهة من محنة حطام الدنيا والفرار الفرار من إستحلاء نظر الخلق وعقائدهم فتلك مصارع الأدوان وطالب الرفيق الأعلى مكلم محدث والتعريفات الإلهية واردة عليه بمكان علمه بصورة الإبتلاء واستئصال شأفة الإبتلاء بصدق الإلتجاء وكثرة ولوجه في حريم القرب الإلهي وإنغماسه مع الأنفاس في بحار عين اليقين وغسله نفث دلائل البرهان بنور العيان فالبرهان للأفكار لا للأسرار إلى آخر ما قال ويا لها من موعظة حكيم ونصيحة حميم نسأل الله تعالى أن يهدينا لما أشارت إليه .
من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون .
871 .
- تذييل وتأكيد لما تضمنته القصة السابقة على ما يشير إليه كلام بعضهم وقال آخر : إنه تعالى لما أمر نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يقص على أؤلئك الضالين قصص أخيهم ليتفكروا ويتركوا ما هم عليه عقب ذلك بتحقيق أن الهداية والضلالة من جهته سبحانه وتعالى وإنما العظة والتذكير من قبيل الوسائط العادية في حصول الإهتداء لكونها دواعي إلى صرف المكلف إختياره نحو تحصيله حسب ما نيط به خلق الله تعالى إياه والمراد بهذه الهداية ما يوجب الإهتداء قطعا لا لأن حقيقتها الدلالة الموصلة إلى البغية كما يوهمه كلام بعض الأصحاب بل لأنها الفرد الكامل من حقيقة الهداية التي هي الدلالة إلى ما يوصل لإسنادها إلى الله تعالى وتفريع الإهتداء عليها ومقابلتها بالضلال وما معه ولا يخفى أن الهداية بهذا المعنى يلزمها الإهتداء فيكون الإخبار بإهتداء من هداه الله تعالى على ما قيل على حد الإخبار في شعرى شعرى وهو يفيد تعظيم شأن الإهتداء وأنه في نفسه كمال جسيم ونفع عظيم وأنه كاف في نيل كل شرف في الأولى والعقبى .
واختار بعض المحققين أنه ليس المقصود مجرد الإخبار بما ذكر ليتوهم عدم الإفادة بحسب الظاهر ويصار إلى توجيهه بذلك بل هو قصر الإهتداء على من هداه الله تعالى حسبما يقضي به تعريف الخبر فالمعنى من يخلق