ومات به فأتت أخته الفارعة إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فسألها عن وفاته فذكرت له أنه أنشد عند موته : كل عيش وإن تطاول دهرا صائر مرة إلى أن تزولا ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في قلال الجبال أرعى الوعولا إن يوم الحساب يوم عظيم شاب فيه الصغير يوما ثقيلا ثم قال لها E : أنشديني من شعر أخيك فأنشدته : لك الحمد والنعماء والفضل ربنا ولا شيء أعلى منك جدا وأمجد مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد من قصيدة طويلة أتت على آخرها ثم أنشدته قصيدته التي تقول فيها : وقف الناس للحساب جميعا فشقي معذب وسعيد والتي فيها عند ذي العرش يعرضون عليه يعلم الجهر والسرار الخفيا يوم يأتي الرحمن وهو رحيم إنه كان وعده مأتيا رب إن تعف فالمعافاة ظني أو تعاقب فلم تعاقب بريا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إن أخاك آمن شعره وكفر قلبه وأنزل الله تعالى الآية وأما على القول بأنه النعمان فهو أنه كان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح فقدم المدينة فقال للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ما هذا الذي جئت به فقال E : الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قال : فأنا عليها فقال E : لست عليها ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها فقال : أمات الله تعالى الكاذب منا طريدا وحيدا ثم خرج إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن إستعدوا السلاح ثم أتى قيصر وطلب منه جندا ليخرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من المدينة فمات بالشام طريدا وحيدا .
وأما على القول بأنه زوج البسوس فقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه رجل أعطى ثلاث دعوات مستجابات وكانت له إمرأة تدعى البسوس له منها ولد فقالت : اجعل لي منها واحدة قال : فما الذي تريدين قالت : ادع الله تعالى أن يجعلني أجمل إمرأة في بني إسرائيل فدعا الله تعالى فجعلها أجمل إمرأة فيهم فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر فدعا الله تعالى أن يجعلها كلبة فصارت كلبة فذهبت دعوتان فجاء بنوها فقالوا : ليس بنا على هذا قرار قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها فادع الله تعالى أن يردها إلى الحال التي كانت عليها فدعا فعادت كما كانت فذهبت الدعوات الثلاث فيها ومن هنا يقال : أشأم من البسوس وفي الخازن أن البسوس اسم لذلك الرجل وليس بشيء وهذه الرواية لا يساعد عليها نظم القرآن الكريم كما لا يخفى والذي نعرفه أن البسوس يضرب بها المثل هي بنت منقذ التميمية خالة جساس بن مرة بن ذهل الشيباني قاتل كليب وفي قصتها طول وقد ذكرها الميداني وغيره