الرؤية إليه دونهم ليكون منعه أبلغ في دفعهم وردعهم عما سألوه نبيها بالأعلى على الأدنى وإلى هذا ذهب الجاحظ ومتبعوه الرابع أنه سأل لنفسه لكن لا نسلم أن ذلك ينافي العلم بالإحالة إذ المقصود من سؤالها إنما هو أن يعلم الإحالة بطريق سمعي مضاف إلى ما عنده من الدليل العقلي لقصد التأكيد وذلك جائز كما يدل عليه طلب إبراهيم عليه السلام إراءة كيفية إحياء الموتى وقوله : ولكن ليطمئن قلبي وإلى ذلك ذهب أبو بكر الأصم الخامس أنا سلمنا أن سؤال الرؤية ينافي العلم بالإحالة لكنا نلتزم القول بعدم العلم وهو غير قادح في نبوته عليه السلام فإن النبوة لا تتوقف على العلم بجميع العقائد الحقة أو جميع مايجوز عليه تعالى وما لايجوز بل على ما يتوقف عليه الغرض من البعثة والدعوة إلى الله تعالى وهو وحدانيته وتكليف عباده بالأوامر والنواهي تحريضا لهم على النعيم المقيم وليس إمتناع الرؤية من هذا القبيل ويؤيد ذلك أنه سأل وقوع الرؤية في الدنيا وهي غير واقعة عندنا وعندكم ونسب هذا القول إلى الحسن منا وهو غريب منه .
السادس أنا سلمنا العلم بالإحالة لكن لانسلم إمتناع السؤال وإنما يمتنع أن لو كان محرما في شرعه لم لا يجوز أن لا يكون محرما السابع أنا سلمنا الحرمة لكن لا نسلم أن ذلك كبيرة لما لا يجوز أن يكون صغيرة وهي غير ممتنعة على الأنبياء عليهم السلام .
وتكلموا على الوجه الثاني من وجهين : الأول أنا لانسلم أنه علق الرؤية على أمر ممكن لأن التعليق لم يكن على استقرار الجبل حال سكونه وإلا لوجدت الرؤية ضرورة وجود الشرط لأن الجبل حال سكونه كان مستقرا بل على إستقراره حال حركته وهو محال لذاته والثاني أنا وإن سلمنا أن إستقرار الجبل ممكن لكن لانسلم أن المعلق بالممكن ممكن فإنه يصح أن يقال : إن إنعدام المعلول إنعدم العلة والعلة قد تكون ممتنعة العدم مع إمكان المعلول في نفسه كالصفات بالنسبة إلى الذات عند المتكلمين والعقل الأول بالنسبة إليه تعالى عند الحكماء فيجوز أن تكون الرؤية الممتنعة متعلقة بالإستقرار الممكن والسر في جواز ذلك أن الإرتباط بين المعلق والمعلق عليه إنما هو بحسب الوقوع بمعنى أنه إن وقع عدم المعلول وقع عدم العلة والممكن الذاتي قد يكون ممتنع الوقوع كالممتنع الذاتي فيجوز التعليق بينهما وليس الإرتباط بينهما بحسب الإمكان حتى يلزم من إمكان المعلق عليه إمكان المعلق ثم إنا وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه من الوجهين على جواز الرؤية فهو معارض بما يدل على عدم الجواز فإن لن في الآية لتأبيد النفي وتأكيده وأيضا قول موسى عليه السلام : تبت إليك دليل كونه مخطئا في سؤاله ولو كانت الرؤية جائزة لما كان مخطئا والزمخشري عامله الله تعالى بعدله زعم أن الآية أبلغ دليل على عدم إمكان الرؤية وذكر في كشافه ماذكر وقال : ثم أعجب من المتسمين بالإسلام المسمين بأهل السنة والجماعة كيف اتخذوا هذه العظيمة مذهبا ولا يغرنك تسترهم بالبلكفة فإنه من منصوبات أشياخهم والقول ماقال بعض العدلية فيهم : وجماعة سموا هواهم سنة لجماعة حمر لعمري موكفه قد شبهوه بخلقه وتخوفوا شنع الورى فتستروا بالبلكفة وأجيب عن قولهم : إنه عليه السلام إنما سأل العلم الضروري بأنه لو كانت الرؤية بمعنى العلم الضروري لكان النظر المذكور بعد أيضا بمعناه وليس كذلك فإن النظر الموصول بالى نص في الرؤية لايحتمل سواه فلا يترك للإحتمال .
وفي شرح المواقف أن طلب العلم الضروري لمن يخاطبه ويناجيه غير معقول وأورد عليه