على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين وقيل : المراد بها علمه تعالى الأزلي والمعنى مضى واستمر عليهم ما كان مقدرا من إهلاك عدوهم وتوريثهم الأرض و الحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة ووصفت بذلك لما فيها من الوعد بما يحبون ويستحسنون وعن الحسن أنه أريد بالكلمة عدته سبحانه وتعالى لهم بالجنة ولا يخفى أنه يأباه السباق والسياق والتفت من التكلم إلى الخطاب في قوله سبحانه : ربك على ماقال الطيبي لأن ماقبله من القصص كان غير معلوم له صلى الله تعالى عليه وسلم وأما كونه جل شأنه منجزا لما وعد ومجريا لما قضى وقدر فهو معلوم له E وذكر في الكشف أنه ادمج في هذا الإلتفات أنه ستتم كلمة ربك في شأنك أيضا وقرأ عاصم في رواية كلمات بالجمع لأنها مواعيد والوصف بالحسنى لتأويله بالجماعة وقد ذكروا أنه يجوز وصف كل جمع بمفرد مؤنث إلا أن الشائع في مثله النأنيث بالتاء وقد يؤنث بالألف كما في قوله سبحانه : مآرب أخرى بما صبروا أي بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه وحسبك بهذا حاثا على الصبر ودالا على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله تعالى إليه ومن قابله بالصبر ضمن الله تعالى له الفرج .
وأخرج ابن المنذر وغيره عن الحسن قال : لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله تعالى لم يلبثوا أن يرفع الله تعالى ذلك عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ثم تلى هذه الآية وفي رواية أخرى عنه قال : ما أوتيت بنو إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم وما فزعت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير وأقول قد شاهدنا الناس سنة الألف والمائتين والثمان والأربعين قد فزعوا إلى السيف فما أغناهم شيئا ولا تم لهم مراد ولا حمد منهم أمر بل وقعوا في حرة رحيلة ووادي خدبات وأم حبوكر ورموا لعمر الله بثالثة الأثا في وقص من جناح عزهم القدامى والخوافي ولم يعلموا أن عيش المضر حلوه مر مقر وأن الفرج إنما يصطاد بشباك الصبر وما أحسن قول الحسن :