المعلومة حالها أو صفتها على أن اللام للعهد لكنه يوجب الإستغناء عن إشتراط إفادته بالحال انتهى وفيه أن حديث الإستغناء ممنوع فإن المعنى كما في الكشف على التقديرين مختلف لأنه إذا جعل حالا يكون المقصود تقييده بالحال كما ذكره الزجاج في نحو هذا زيد قائما إذا جعل قيدا للخبر أن الكلام إنما يكون مع من يعلم أنه زيد وإلا جاء الاحالة لأنه يكون زيد قائما كان أولا وإذا جعل خبرا بعد خبر فتلك القرى على أسلوب ذلك الكتاب على أحد الوجوه ونقص خبر ثان تفخيما على تفخيم حيث نبه على أن لها قصصا وأحوالا أخرى مطوية .
وقال الطيبي : إن الحال لما كانت فضلة كان الإشكال قائما في عدم إفادة الخبر فأجيب بأنها ليست فضلة من كل وجه وأما الخبر فلا عجب من كونه كالجزء من الأول كما في قولك هذا حلو حامض وهذا بمنزلته وفيه أن عد مانحن فيه من ذلك القبيل حامض ومستغنى عنه بالحلو ومثله بل أدهى وأمر الجواب بأنه لما اشترك الحلوان في ذات المبتدأ كفى إفادة أحدهما وصيغة المضارع للإيذان بعدم انقضاء القصة بعد و من للتبعيض أي بعض أخبارها التي فيها عظة وتذكير وتصدير الكلام بذكر القرى وإضافة الأنباء أي الأخبار العظيمة الشأن إليها مع أن المقصود أنباء أهلها وبيان أحوالهم حسبما يؤذن به قوله سبحانه : ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات لما ذكره شيخ الإسلام من أن حكاية هلاكهم بالمرة على وجه الإستئصال بحيث يشمل أماكنهم أيضا بالخسف بها والرجفة وبقائها خاوية معطلة أهول وأفظع والباء في قوله تعالى : بالبينات متعلقة أما بالفعل المذكور على أنها للتعدية وإما بمحذوف وقع حالا من فاعله أي متلبسين بالبينات على معنى أن رسول كل أمة من الأمم المهلكة الخاص بهم جاءهم بالمعجزات البينة الجمة لا أن كل رسول جاء ببينة واحدة وما ذكروه من أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي إنقسام الآحاد على الآحاد لايقتضي كما قال المولى المدقق أبو القاسم السمرقندي في تعليقاته على المطول أن يلزم في كل مقابلة مقارنة الواحد للواحد لأن إنقسام الآحاد على الآحاد كما يجوز أن يكون على السواء يجوز أن يكون على التفاوت مثلا إذا قيل : باع القوم دوابهم يفهم أن كلا منهم باع ماله من دابة ويجوز أن تتعدد دابة البعض ولهذا قيل في قوله سبحانه : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إن غسل يدي كل شخص ثابت بالكتاب والمقام هنا يقتضي ماذكرناه فإن الجملة مستأنفة مبينة لكمال عتوهم وعنادهم وقوله عز شانه : فما كانوا ليؤمنوا بيان لاستمرار عدم إيمانهم في الزمان الماضي لا لعدم إستمرار إيمانهم ونظير ذلك لاخوف عليهم ولا هم يحزنون وترتيب حالهم هذه على مجيء الرسل بالبينات بالفاء لما أن الإستمرار على فعل بعد ورود مايوجب الإقلاع عنه يعد بحسب العنوان فعلا جديدا وصنعا حادثا كما في وعظته فلم ينزجر ودعوته فلم يجب واللام لتأكيد النفي أي فما صح وما إستقام لقوم من أولئك الأقوام في وقت من الأوقات ليؤمنوا بل كان ذلك ممتنعا منهم إلى أن لقوا مالقوا لغاية عتوهم وشدة شكيمتهم في الكفر والطغيان ثم إن كان المحكى آخر حال كل قوم منهم فالمراد بعدم إيمانهم هو إصرارهم على ذلك بعد اللتيا والتي وبما أشير إليه بقوله تعالى : بما كذبوا من قبل تكذيبهم من لدن مجيء الرسل عليهم السلام إلى وقت الإصرار والعناد وهذا معنى كلام الزجاج فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية تلك المعجزات بما كذبوا قبل رؤيتها يعني أول ماجاؤهم فاجأوهم بالتكذيب فأتوا بالمعجزات فأصروا على التكذيب وإلى هذا ذهب الحسن أيضا وإنما لم