الصلة بأجنبي وهو أن لو نشاء سواء كانت فاعلا أو مفعولا ونقل أبو حيان عن الأنباري أنه قال : يجوز أن يكون معطوفا على أصبنا إذا كان بمعنى نصيب فوضع الماضي موضع المستقبل عند وضوح معنى الإستقبال كما في قوله تعالى : تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك أي إن يشأ يدل عليه ويجعل لك قصورا فجعل لو شرطية بمعنى إن ولم يجعلها التي هي لما كان سيقع لوقوع غيره وجعل أصبنا بمعنى نصيب وقد يرتكب التأويل في جانب المعطوف فيؤول نطبع بطبعنا ورد الزمخشري هذا العطف بأنه لايساعد عليه المعنى لأن القوم كانوا مطبوعا على قلوبهم موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها وذلك يؤدي إلى خلوهم عن هذه الصفة وأن الله تعالى لو شاء لاتصفوا بها وتعقبه ابن المنير بأنه لايلزم أن يكون المخاطبون موصوفين بالطبع ولابد وهم إن كانوا كفارا ومقترفين للذنوب فليس الطبع من لوازم الإقتراف البتة إذ هو التمادي على الكفر والإصرار والغلو في التصميم حتى يكون الموصوف به مأيوسا من قبوله للحق ولا يلزم أن يكون كل كافر بهذه المثابة بلى إن الكافر يهدد لتماديه على الكفر بأن يطبع الله تعالى على قلبه فلا يؤمن أبدا وهو مقتضى العطف على أصبنا فتكون الآية قد هددتهم بأمرين الإصابة بذنوبهم والطبع على قلوبهم والثاني أشد من الأول وهو أيضا نوع من الإصابة بالذنوب والعقوبة عليها ولكنه أنكى أنواع العذاب وأبلغ صنوف العقاب وكثيرا ما يعاقب الله تعالى على الذنب بالإيقاع في ذنب أكبر منه وعلى الكفر بزيادة التصميم عليه والغلو فيه كما قال سبحانه : فزادتهم رجسا إلى رجسهم كما زادت المؤمنين إيمانا إلى إيمانهم وهذا النوع من الثواب والعقاب مناسب لما كان سببا فيه وجزاء عليه فثواب الإيمان إيمان وثواب الكفر كفر وإنما الزمخشري يحاذر من هذا الوجه دخول الطبع في مشيئة الله تعالى وذلك عنده محال لأنه بزعمه قبيح والله سبحانه عنه متعال وفي التقريب نحو ذلك فإنه نظر فيما ذكره الزمخشري بأن المذكور كونهم مذنبين دون الطبع وأيضا جاز أن يراد لو شئنا زدنا في طبعهم ولأمناه والحق كما قال غير واحد من المحققين أن منعه من هذا العطف ليس بناء على أنه لايوافق رأيه فقط بل لأن النظم لايقتضيه فإن قوله سبحانه : فهم لايسمعون أي سماع تفهم واعتبار يدل على أنهم مطبوع على قلوبهم لأن المراد إستمرار هذه الحال لا أنه داخل في حكم المشيئة لأن عدم السماع كان حاصلا ولو كان كذلك لوجب أن يكون منفيا وأيضا التحقيق لايناسب الغرض و كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ظاهر الدلالة على أن الوارثين والموروثين كل من أهل الطبع وكذا قوله سبحانه : فما كانوا ليؤمنوا يدل على أن حالهم منافية للإيمان وأنه لايجيء منه البتة وأيضا إدامة الطبع أو زيادته لايصلح عقوبة للكافرين بل قد يكون عقوبة ذنب المؤمن كما ورد في الصحيح وما يورد من الدغدغة على هذا مما لايلتفت إليه تلك القرى نقص عليك من أنبائها جملة مستأنفة جارية مجرى الفذلكة مما قبلها منبئة عن غاية غواية الأمم المذكورة وتلك إشارة إلى قرى الأمم المحكية من قوم نوح وعاد وثمود وأضرابهم واللام للعهد وجوز أن تكون للجنس وهو مبتدأ والقرى صفته والجملة بعده خبر .
وجوز الزمخشري أن تكون تلك مبتدأ والقرى خبر والجملة خبر بعد خبر على رأي من يرى جواز كون الخبر الثاني جملة وأن تكون الجملة حالا وإفادة الكلام بالتقييد بها واعترضه في التقريب بأنه جعل شرط الإفادة التقييد بالحال وعلى تقدير كون ذلك خبرا بعد خبر ينتفي الشرط إلا أن يريد تلك القرى