واستقباحه أو يقال إنها فصيحة ويقدر مايستفاد من الكلام شرطا أي إذا كان الأمن في غاية القبح فلا يرتكبه إلا من خسر نفسه واستدلت الحنفية بالآية على أن الأمن من مكر الله تعالى وهو كما في جمع الجوامع الإسترسال في المعاصي إتكالا على عفو الله تعالى كفر ومثله اليأس من رحمة الله تعالى لقوله تعالى : إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون وذهبت الشافعية إلى أنهما من الكبائر لتصريح ابن مسعود Bه بذلك 1 وروى ابن أبي حاتم والبزار عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم سئل مالكبائر فقال : الشرك بالله تعالى واليأس من روح الله والأمن من مكر الله وهذا أكبر الكبائر قالوا : وما ورد من أن ذلك كفر محمول على التغليظ وآية لا ييأس الخ كقوله تعالى الزانية لاينكحها إلا زان .
ولاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله في قول وقال بعض المحققين : إن كان في الامن إعتقاد أن الله تعالى لايقدر على الإنتقام منه وكذا إذا كان في اليأس إعتقاد عدم القدرة على الرحمة والإحسان أو نحو ذلك فذلك مما لاريب في أنه كفر وإن خلا عن نحو هذا الإعتقاد ولم يكن فيه تهاون وعدم مبالاة بالله تعالى فذلك كبيرة وهو كالمحاكمة بين القولين أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أي يخلفون من خلا قبلهم من الأمم والمراد بهم كما روى عن السدي المشركون وفسروا بأهل مكة ومن حولها وعليه لايبعد أن يكون في الآية إقامة الظاهر مقام الضمير إذا كان المراد بأهل القرى سابقا أهل مكة وما حولها وتعدية فعل الهداية باللام لأنها كما روي عن ابن عباس ومجاهد بمعنى التبيين وهو على ماقيل : إما بطريق المجاز أو التضمين أو لتنزيله منزلة اللازم كأنه قيل : أغفلوا ولم يفعل الهداية لهم أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهمأي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم وإذا ضمن أصبنا معنى أهلكنا لايحتاج إلى تقدير مضاف وأن مخففة من الثقيلة وإسمها ضمير شأن مقدر وخبره الجملة الشرطية والمصدر المؤول فاعل يهد ومفعوله على إحتمال التضمين محذوف أي أولم يتبين لهم مآل أمرهم أو نحو ذلك وجوز أن يكون الفاعل ضمير الله تعالى وأن يكون ضميرا عائدا على مايفهم مما قبل أي أولم يهد لهم ماجرى على الأمم السابقة وقرأ عبدالرحمن السلمي وقتادة وروي عن مجاهد ويعقوب نهد بالنون فالمصدر حينئذ مفعول ومن الناس من خص اعتبار التضمين أو المجاز بهذه القراءة واعتبار التنزيل منزلة اللازم بقراءة الياء وفيه بحث وقوله تعالى : ونطبع على قلوبهم جملة معترضة تذييلية أي ونحن من شأننا وسنتنا أن نطبع على قلب من لم نرد منه الإيمان حتى لايتعظ بأحوال من قبله ولا يلتفت إلى الأدلة ومن أراد من أهل القرى فيما تقدم أهل مكة جعله تأكيدا لما نعى عليهم من الغرة والأمن والخسران أي ونحن نطبع على قلوبهم فلذلك إقتفوا آثار من قبلهم ولم يعتبروا بالآيات وأمنوا من البيات لمستخلفيهم حذو النعل بالنعل وجوز عطفه على مقدر دل عليه قوله تعالى أولم يهد وعطفه عليه أيضا وهو وإن كان إنشاء إلا أن المقصود منه الإخبار بغفلتهم وعدم إهتدائهم أي لا يهتدون أو يغفلون عن الهداية أو عن التأمل والتفكر ونطبع الخ .
وجوز أن يكون عطفا على يرثون واعتراض بأنه صلة والمعطوف على الصلة صلة ففيه الفصل بين أبعاض