احتياطااحتياطا للكفر وغلوا في الاصرار فعقروا الناقة أي نحروها قال الأزهري أصل العقر عند العرب قطع عرقوب البعير ثم استعمل في النحر لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره واسناده إلى الكل مع أن المباشر البعض مجاز لملابسة الكل لذلك الفعل لكونه بين أظهرهم وهم متفقون على الضلال والكفر أو لرضا الكل به أو لأمرهم كلهم به كما ينبيء عنه قوله تعالى : فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر وقيل : إن العقر مجاز لغوي عن الرضا بالنسبة إلى غير فاعله وليس بشيء .
وعتوا عن أمر ربهم أي استكبروا عن امتثاله وهو ما بلغهم صالح عليه السلام من الأمر السابق فالأمر واحد الأوامر وجوز أن يكون واحد الامور أي استكبروا عن شأن الله تعالى ودينه وهو بعيد .
وأوجب بعضهم على الأول أن يضمن عتوا معنى التولي أي تولوا عن امتثال أمره عاتين أو معنى الاصدار أي صدر عتوهم عن أمر ربهم وبسببه لأنه تعالى لما أمرهم بقوله : فذروها الخ ابتلاهم فما امتثلوا فصاروا عاتين بسببه ولولا الأمر ما ترتب العقر والداعي للتأويل بتولوا أو صدر أن عتا لايتعدى بعن فتعديته به لذلك كما في قوله تعالى : وما فعلته عن أمري وبعضهم لايقول بالتضمين بناء على أن عتا بمعنى استكبر كما في القاموس وهو يتعدى بعن فافهم وقالوا مخاطبين له عليه السلام بطريق التعجيز والافحام على زعمهم الفاسد : يا صالح ائتنا بما تعدنا من العذاب وأطلق العلم به إن كنت من المرسلين .
77 .
- فان كونك منهم يقتضي صدق ما تقول من الوعد والوعيد فأخذتهم الرجفة 9 قال الفراء والزجاج : أي الزلزلة الشديدة .
وقال مجاهد والسدي : هي الصيحة وجمع بين القولين بأنه يحتمل انه أخذتهم الزلزلة من تحتهم والصيحة من فوقهم وقال بعضهم : الرجفة خفقان القلب واضطرابه حتى ينقطع وجاء في موضع آخر الصيحة وفي آخر بالطاغية ولا منافاة بين ذلك كما زعم بعض الملاحدة فان الصيحة العظيمة الخارقة للعادة حصل منها الرجفة لقلوبهم ولعظمها وخروجها عن الحد المعتاد تسمى الطاغية لأن الطغيان ومجاوزة الحد ومنه قوله تعالى : إنا لما طغى الما حملناكم أو يقال أن الاهلاك بذلك بسبب طغيانهم وهو معنى الطاغية وهذا الأخذ ليس أثر ماقالوا بل بعد ما جرى عليهم ما جرى من مبادي العذاب في الايام الثلاث كما ستعلمه إن شاء الله تعالى والفاء لا تأبى ذلك .
فأصبحوا في دارهم جاثمين .
87 .
- هامدين موتى لاحراك بهم وأصل الجثوم البروك على الركب .
وقال أبو عبيدة : الجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للابل فجثوم الطير هو وقوعه لاطئا بالأرض في حال سكونه بالليل وأصبح يحتمل أن تكون تامة فجاثمين حال وان تكون ناقصة فجاثمين خبر والظرف على التقديرين متعلق به وقيل : هو خبر و جاثمين حال وليس بشيء لافضائه إلى كون الاخبار بكونهم في دارهم مقصودا بالذات والمراد من الدار البلد كما في قولك دار الحرب ودار الاسلام وقد جمع في آية أخرى بارادة منزل كل واحد الخاص به وذكر النيسابوري أنه حيث ذكرت الرجفة وحدت الدار وحيث ذكرت الصيحة جمعت لأن الصيحة كانت من السماء كما في غالب الروايات لامن الأرض كما قيل فبلوغها أكثر وابلغ من الزلزلة فقرن كل منهما بما هو أليق به فتدبر .
فتولى عنهم بعد أن جرى عليهم ما جرى على ماهو الظاهر مغتما متحسرا على مافاتهم من الايمان