متحزنامتحزنا عليهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم بالترغيب والترهيب ولم آل جهدا فلم يجد نفعا ولم تقبلوا مني وصيغة المضارع في قوله سبحانه ولكن لاتحبون الناصحين .
97 .
- حكاية حال ماضية أي شأنكم الاستمرار على بغض الناصحين وعدواوتهم وخطابه عليه السلام لهم كخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم قتلى المشركين حين القوا في قليب بدر حين نادى يافلان يافلان باسمائهم إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا وذلك مبني على أن الله تعالى يرد أرواحهم اليهم فيسمعون وذلك مما خص به الانبياء عليهم الصلاة والسلام ويحتمل أنه عليه السلام ذكر ذلك على سبيل التحزن والتحسر كما تخاطب الديار والاطلال وجوز عطف فتولى على فأخذتهم الرجفة فيكون الخطاب لهم حين أشرفوا على الهلاك لكنه خلاف الظاهر وأبعد من ذلك ما قيل إن الآية على التقديم والتأخير فتقديرها فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لاتحبون الناصحين فأخذتهم الرجفة فاصبحوا في دارهم جاثمين .
وقصة ثمود على ما ذكر اسحق وغيره أن عادا لما هلكوا عمرت ثمود بعدها واستخلفوا في الأرض وعمروا حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر فينهدم والرجل حي فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا وكانوا في سعة من معاشهم فعتوا في الأرض وعبدوا غير الله تعالى فبعث الله تعالى اليهم صالحا وكانوا قوما عربا وكان صالح عليه السلام من أوسطهم نسبا وبعث اليهم وهو شاب فدعاهم إلى الله تعالى حتى شمط وكبر ولم يتبعه منهم إلا قليل مستضعفون فلما ألح عليهم بالدعاء والتخويف سألوه أن يريهم آية تصدق ما يقول فقال لهم : أية آية تريدون فقالوا : تخرج غدا معنا إلى عيدنا وكان لهم عيد يخرجون فيه بأصنامهم فتدعو إلهك وندعوا آلهتنا فان استجيب لك اتبعناك وإن استجيب لنا اتبعتنا فقال لهم صالح : نعم فخرجوا وخرج معهم فدعوا أوثانهم وسألوها أن لا يستجاب لصالح في شيء مما يدعو به ثم قال جندع بن عمرو ابن حراش وهو يومئذ سيد ثمود : يا صالح اخرج لنا من هذ الصخرة لصخرة منفردة ناحية الحجر يقال لها الكاثبة ناقة مخترجة أي تشاكل البخت أو مخرجة على خلقة الجمل جوفاء وبراء فان فعلت صدقناك وآمنا بك فاخذ عليهم صالح مواثيقهم لئن فعلت لتصدقني ولتؤمنن بي قالوا : نعم فصلى ركعتين ودعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها فاصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لايعلم ما بين جنبيها إلا الله تعالى عظما وهم ينظرون ثم نتجت ولدا مثلها في العظم فآمن به جندع ورهط من قومه وأراد أشرافهم أن يؤمنوا به فمنعهم ذؤاب بن عمرو بن لبيد والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صعر كاهنهم فلما خرجت الناقة قال لهم : هذه ناقة الله لها شرب ولكم شرب يوم معلوم فمكثت الناقة ومعها سقبها في أرضهم ترعى الشجر وتشرب الماء وكاند ترد غبا فاذا كان يومها وضعت رأسها في بئر الحجر يقال له الآن بئر الناقة فما ترفع رأسها حتى تشرب كل ما فيها ثم ترفع رأسها وتتفحج لهم فيحلبون ماشاؤا من اللبن فيشربون ويدخرون ثم تصدر من غير الفج الذي وردت منه لاتقدر تصدر من حيث ترد لضيقه عنها حتى إذا كان الغد يومهم فيشربون ما شاؤا ويدخرون ما شاءوا ليوم الناقة ولم يزالوا في سعة ورغد وكانت الناقة تصيف إذا كان الحر بظهر الوادي فتهرب منها مواشيهم وتهبط إلى بطن الوادي في حره وجدبه وتشتو في بطن الوادي فتهرب مواشيهم إلى ظهره في برد وجدب فاظر ذلك بمواشيهم للأمر الذي يريده الله تعالى بهم والبلاء والاختبار