الاتخاذ باقداره سبحانه وتنحتون الجبال أي تنجرونها والنحت معروف في كل صلب ومضارعه مكسور الحاء .
وقرأ الحسن بالفتح لحرف الحلق وفي القاموس عنه أنه قرأ تنحاتون بالاشباع كينباع وانتصاب الجبال على المفعولية وقوله سبحانه : بيوتا نصب على أنه حال مقدرة منها لأنها لم تكن حال النحت بيتا كخطت الثوب جبة والحالية كما قال الشهاب باعتبار أنها بمعنى مسكونة إن قيل بالاشتقاق فيها وقيل : انتصاب الجبال بنزع الخافض أي من الجبال ويرجحه أنه وقع في آية أخرى كذلك ونصب بيوتا على المفعولية وجوز أن يضمن النحت معنى الاتخاذ فانتصابهما على المفعولية روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنهم اتخذوا القصور في السهول ليصيفوا فيها ونحتوا من الجبال بيوتا ليشتوا فيها وقيل : انهم نحتوا الجبال بيوتا لطول أعمارهم وكانت الابنية ثبلى قبل أن تبلى أعمارهم فاذكروا ءالاء الله أي نعمه التي أنعم بها عليكم مما ذكر أو جميع نعمه ويدخل فيها ما ذكر دخولا أوليا وليس المراد مجرد الذكر باللسان كما علمت .
ولاتعثوا في الأرض مفسدين .
47 .
- فان حق آلائه تعالى أن تشكر ولا يغفل عنها فكيف بالكفر والعثى الافساد فمفسدين حال مؤكدة كما في ولوا مدبرين قال الملأ الذين استكبروا من قومه أي الاشراف الذين عتوا وتكبروا والجملة استئناف كما مر غير مرة وقرأ ابن عامر وقال بالواو عطفا على ما قبله من قوله تعالى قال ياقوم الخ واللام في قوله سبحانه : للذين استضعفوا أي عدوا ضعفاء أذلاء للتبليغ كما في ألم أقل لكم وقوله تعالى : لمن ءامن منهم بدل من الموصول باعادة العامل بدل الكل من الكل كقولك مررت بزيد بأخيك والضمير المجرور راجع إلى قومه وجوز أن يكون بدل بعض من كل على أن الضمير للذين استضعفوا فيكون المستضعفون قسمين مؤمنين وكفرين ولايخفى بعده والاستفهام في قوله جل شأنه أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه للاستهزاء لأنهم يعلمون أنهم عالمون بذلك ولذلك لم يجيبوهم على مقتضى الظأهر كما حكى سبحانه عنهم بقوله : قالوا انا بما أرسل به مؤمنون .
57 - فان الجواب الموافق لسؤالهم نعم أو نعلم أنه مرسل منه تعالى ومن هنا قال غير واحد إنه من الاسلوب الحكيم فكأنهم قالوا العلم بارساله وبما أرسل به مالا كلام فيه ولاشبهة تدخله لوضوحه وانارته وإنما الكلام في وجوب الايمان به فنخبركم انا به مؤمنون .
واختار في الانتصاف أن ذلك ليس اخبارا عن وجوب الايمان به بل عن امتثال الواجب فانه أبلغ من ذلك فكأنهم قالوا : العلم بارساله وبوجوب الايمان به لا نسئل عنه وإنما الشأن في امتثال الواجب والعمل به ونحن قد امتثلنا قال الذين استكبروا استئناف كما تقدم وأعيد الموصول مع صلته مع كفاية الضمير ايذانا بأنهم قالوا ما قالوه بطريق العثور والاستكبار إنا بالذي ءامنتم به كفرون .
67 .
- عدول عن مقتضى الظاهر أيضا وهو انا بما أرسل به كافرون وفائدته كما قالوا الرد لما جعله المؤمنون معلوما وأخذوه مسلما كأنهم قالوا ليس ماجعلتموه معلوما مسلما من ذلك القبيل وقال في الانتصاف عدلوا عن ذلك حذرا مما في ظاهره من اثباتهم لرسالته وهم يجحدونها وليس هذا موضع التهكم ليكون كقول فرعون إن رسولكم الذي أرسل اليكم لمجنون فان الغرض اخبار كل واحد من المؤمنين والمكذبين عن حاله فلذا خلص الكافرون قولهم عن اشعار الايمان بالرسالة