ولكني رسول من رب العالمين .
76 .
- والرسالة من قبله تعالى تقتضي الاتصاف بغاية الرشد والصدق ولم يصرح عليه السلام بنفي الكذب اكتفاء بما في حيز الاستدراك وقيل : الكذب نوع من السفاهة فيلزم من نفيها نفيه و من لابتداء الغاية مجازا وهي متعلقة بمحذوف وقع صفة لرسول مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية بالفخامة الاضافية وقوله تعالى : أبلغكم رسالات ربي على طرز ما في قصة نوح عليه السلام .
وقرأ أبو عمرو أبلغكم بالتخفيف من الافعال وأنا لكم ناصح أمين .
86 .
- معروف بالنصح والأمانة مشهور بين الناس بذلك فما حقي أن أتهم بشيء مما ذكرتموه وعلى هذا لايقدر للوصفين متعلق ويحتمل تقديرهما أي ناصح لكم فيما أدعوكم اليه أمين على ما أقول لكم لا أكذب فيه وعلى الأول كما قال الطيبي فالجملة مستأنفة وقعت معترضة وعلى الثاني حالية وفي العدول عن الفعلية إلى الأسمية ما لا يخفى ولعل التعبير بها هنا وبالفعلية فيما تقدم لتجدد النصح من نوح دون هود عليهما السلام .
أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم الكلام فيه كالكلام في سابقه وفي إجابة الأنبياء عليهم السلام من يشافههم من الكفرة بالكلمات الحمقاء بما حكي عنهم والاعراض عن مقابلتهم بمثل كلامهم كمال النصح والشفقة وهضم النفس وحسن المجادلة وفي حكاية ذلك تعليم للعباد كيف يخاطبون السفهاء وكيف يغضون عنهم ويسبلون أذيالهم على ما يكون منهم وفي الآية دلالة على جواز مدح الانسان للحاجة اليه .
واذكروا إذ جعلكم خلفاء شروع في بيان ترتيب أحكام النصح والامانة والانذار وتفصيلها و إذ على ما يفهم من كلام البعض وصرح به آخرون ظرف منصوب بآلاء المحذوف هنا بقرينة ما بعده لتضمنه معنى الفعل واختار غير واحد تبعا للزمخشري أنه مفعول لاذكروا أي اذكروا هذا الوقت المشتمل على هذه النعم الجسام وتوجيه الامر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه مع أنه المقصود بالذات للمبالغة في ايجاب ذكره ولأنه إذا استحضر الوقت كان هو حاضرا بتفاصيله وهذا مبني على الاتساع في الظرف أو أنه غير لازم للظرفية على خلاف المشهور عند النحويين والواو للعطف وما بعده قيل : معطوف على قوله تعالى : اعبدوا ولا يخفى بعده .
وقال شيخ الاسلام : لعله معطوف على مقدر كأنه قيل : لاتعجبوا من ذلك أو تدبروا فيأمركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح أي في مساكنهم أو في الأرض بأن جعلكم ملوكا فان شداد بن عاد ممن ملك معمورة الأرض فالاسناد على هذا مجاز وفي ذكر نوح على ما قيل اشارة إلى رفع التعجب يعني هذا الذي جئت به ليس ببدع فاذكروا نوحا وارساله إلى قومه وإلى الوعيد والتهديد أي اذكروا اهلاك قومه لتكذيبهم رسول ربهم وزادكم في الخلق أي الابداع والتصوير أو في المخلوقين أي زادكم في الناس على أمثالكم بسطة قوة وزيادة جسم قال الكلبي : كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع وقامة القصير ستين ذراعا .
وأخرج ابن عساكر عن وهب أنه قال : كانت هامة الرجل منهم مثل القبة العظيمة وعينه يفرخ فيها السباع وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه قال : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعا وعن الباقر رضي الله تعالى عنه كانوا كأنهم النخل الطوال وكان الرجل منهم يأتي الجبل فيهدم منه بيده القطعة العظيمة