وأخرج عبد الله بن أحمد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة إن كان الرجل منهم ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها .
وعن بعضهم أن أحدهم كان أطول من سائر الخلق بمقدار ما يمد الانسان يده في رأسه باسطا لها فطول كل منهم قامة وبسطة وهذا أقرب عند ذوي العقول القصيرة عن ادراك طول يد القدرة .
وأخرج ابن اسحق بن بشر وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن هودا عليه السلام كان أصبحهم وجها وكان في مثل أجسامهم أبيض جعدا بادي العنفقة طويل اللحية صلى الله تعالى عليه وسلم ونصب بسطة على أنه مفعول به للفعل قبله وقيل : تمييز و في الخلق متعلق بالفعل وجوز أبو البقاء تعلقه بمحذوف وقع حالا من بسطة فاذكروا ءالاء الله أي نعمه سبحانه وتعالى وهي جمع إلى بكسر فسكون كحمل وأحمال أو ألي بضم فسكون كقفل وأقفال أو إلي بكسر ففتح مقصورا كمعي وأمعاء أو بفتحتين مقصورا كقفا وأقفاء وبهما ينشد قول الأعشى : أبيض لايرهب الهزال ولا يقطع رحما ولا يخون الا وقيل : إن ما البيت الا المشددة لكنها خففت ومعناها العهد وفيه بعد وهذا تكرير للتذكير لزيادة التقرير وتعميم اثر تخصيص أي اذكروا الآلاء التي من جملتها ما تقدم لعلكم تفلحون .
96 .
- أي لكي يفضي بكم ذكر النعم إلى شكرها الذي من جملته العمل بالاركان والطاعة المؤدي إلى النجاة من الكروب والفوز بالمطلوب وهذا لأن الفلاح لا يترتب على مجرد الذكر ومن الناس من فسر ذكر الآلاء بشكرها وأمر الترتب عليه ظاهر .
قالوا مجيبين عن تلك النصائح العظيمة المتظمنة للانذار على ما أشير اليه : أجئتنا لنعبد الله وحده أي لنخصه بالعبادة ونذر أي نترك ما كان يعبد ءاباؤنا من الأوثان وهذا إنكار واستبعاد لمجيئه عليه السلام بذلك ومنشؤه انماكهم في التقليد والحب لما ألفوه والفوا عليه أسلافهم ومعنى المجيء اما مجيئه عليه السلام من مكان كان يتحنث فيه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يفعل بحراء قبل المبعث أو مجيئه من السماء أي أنزلت علينا من السماء ومرادهم التهكم والاستهزاء وجاء ذلك من زعمهم أن المرسل من الله تعالى لايكون ملكا من السماء أو هو مجاز عن القصد إلى الشيء والشروع فيه فان جاء وقام وقعد وذهب كما قال جماعة تستعملها العرب لذلك تصويرا للحال فتقول قعد يفعل كذا وقام يشتمني وقعد يقرأ وذهب يسبني ونصب وحده على الحالية وهو عند جمهور النحويين ومنهم الخليل وسيبويه اسم موضوع موضع المصدر أعني إيحاد الموضوع موضع الحال أعنى موحدا واختلف هؤلاء فيما إذا قلت : رأيت زيدا وحده مثلا فالاكثرون يقدرون في حال إيحاد له بالرؤية فيجعلونه حالا من الفاعل والمبرد يقدره في حال أنه مفرد بالرؤية فيجعله حالا من المفعول .
ومنع أبو بكر بن طلحة جعله حالا من الفاعل وأوجب كونه حالا من المفعول لاغير لأنهم إدا أرادوا الحال من الفاعل قالوا رأيته وحدي ومررت به وحدي كما قال الشاعر : والذئب أخشاه أن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا وهذا الذي قاله في البيت صحيح ولا يمتنع من أجله أن يأتي الوجهان المتقدمان في رأيت زيدا وحده