ياقوم ياقوم اعبدوا الله وحده كما يدل عليه قوله تعالى : مالكم من إله غيره فانه استئناف جار مجرى البيان للعبادة المأمور بها والتعليل لها أو للامر كأنه قيل : خصوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئا إذ ليس لكم إله سواه .
وقريء غير بالحركات الثلاث كالذي قبل أفلا تتقون .
56 .
- إنكار واستبعاد لعدم اتقائهم عذاب الله تعالى بعدم ما علموا ما حل بقوم نوح عليه السلام كما قال شيخ الاسلام خاطبهم بكل منهما واكتفى بحكاية كل منهما في موطن عن حكايته في موطن آخر كما لم يذكر ههنا ما ذكر هناك من قوله إن أنتم إلا مفترون وقس على ذلك حال بقية ما ذكروا مالم يذكر من أجزاء القصة بل حال نظائره في سائر القصص لاسيما في المحاورات الجارية في الأوقات المتعددة .
وقال غير واحد : إنما قيل ههنا : أفلا تتقون وفيما تقدم من مخاطبة نوح عليه السلام قومه إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم لأن هؤلاء قد علموا بما حل بغيرهم من نظرائهم ولم يكن قبل واقعة قوم نوح عليه السلام واقعة وقيل : لأن هؤلاء كانوا أقرب إلى الحق وإجابة الدعوة من قوم نوح عليه السلام وهذا دون إني أخاف عليكم الخ في التحويف ويرشد إلى ذلك ما تقدم مع قوله تعالى : قال الملأ الذين كفروا من قومه حيث قيد هنا الملأ المعاند بمن كفر واظلق هناك وقد صرحوا بأن هذا الوصف لأنه لم يكن كلهم على الكفر بل من أشرافهم من آمن به عليه السلام كمرثد بن سعد الذي كان يكتم إيمانه ولا كذلك قوم نوح ومن آمن به عليه السلام منهم لم يكن من الاشراف كما هو الغالب في اتباع الرسل عليهم السلام وقيل إنه وقت مخاطبة نوح عليه السلام لقومه لم يكونوا آمنوا بخلاف قوم هود ومثله كما قال الشهاب يحتاج إلى نقل واعترض المولى بهاء الدين على تلك التفرقة بين القومين بأنه قد جاء في سورة المؤمنين وصف قوم نوح بما وصف به قوم هود هنا فكيف تتأتي هذه التفرقة وأجيب بأن الوصف هناك محمول على أنه للذم لا للتمييز وإنما لم يذم ههنا للاشارة إلى التفرقة وقال الطيبي : يمكن أن يقال : إن الوصف هنا للذم أيضا ومقتضى المقاميقتضي ذمهم لشدة عنادهم كما يدل عليه جوابهم بما حكاه الله تعالى من قولهم إنا لنراك في سفاهة أي متمكنا في فخة عقل راسخا فيها حيث فارقت دين آبائك وإنا لنظنك من الكاذبين .
66 .
- حيث ادعيت الرسالة وهو أبلغ من كاذبا كما مرت الاشارة اليه والظن إما على ظاهره كما قال الحسن والزجاج وإما بمعنى العلم كما قيل وذلك لأنهم قالوا ما قالوا مع كونه عليه السلام معروفا بينهم بضد ذلك ولا يقتضي ذم قوم نوح عليه السلام وحيث اقتضى في سورة المؤمنين ذمهم ذمهم لأنهم قالوا كما قصه سبحانه وتعالى هناك ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائ : ة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين وقال بعضهم : إن الظاهر أن ما نقل هنا عن قوم نوح عليه السلام مقالتهم في مجلس أو مقالة بعضهم وما نقل في سورة المؤمنين مقالتهم في مجلس آخر أو مقالة آخرين فروعي في المقامين مقتضى كل من المقالتين قال عليه السلام مستعطفا لهم أو مستميلا لقلوبهم يا قوم ليس بي سفاهة أي شيء منها فضلا عن تمكني فيها كما زعمتم