وصيغةوصيغة المضارع للدلالة على تجدد نصحه عليه السلام لهم كما يفصح عنه قوله : رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا وقوله تعالى واعلم من الله مالا تعلمون .
26 .
- عطف على ما قبله وتقرير لرسالته عليه السلام أي أعلم من قبله تعالى بالوحي أشياء لاعلم لكم بها من الأمور الآتية فمن لابتداء الغاية مجازا أو أعلم من شؤونه D وقدرته القاهرة وبطشه الشديد على من لم يؤمن به ويصدق برسله ما لاتعلمونه فمن إما للتبعيض أو بيانية لما ولابد في الوجهين من تقدير المضاف قيل : كانوا لم يسمعوا بقوم حل بهم العذاب قبلهم فكانوا آمنين غافلين لايعلمون ما علمه نوح عليه السلام فهم أول قوم عذبوا على كفرهم أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم رد لما هو منشأ لقولهم : إنا لنراك في ضلال مبين والاستفهام للانكار أي لم كان ذلك ولا داعي له والواو للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام ويقدر عند الزمخشري وأتباعه بين الهمزة وواو العطف كأنه قيل : استبعدتم وعجبتم ومذهب سيبويه والجمهور أن الهمزة من جملة أجزاء المعطوف إلا أنها قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير وضعف قول الأولين بما فيه من التكلف لدعوى حذف الجملة فان قوبل بتقديم بعض المعطوف فقد يقال : إنه أسهل منه لأن المتجوز فيه أقل لفظا وفيه تنبيه على أصالة شيء في شيء وبأنه غير مطرد في نحو أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وتحقيقه في محله وأن جاءكم بتقدير بأن لأن الفعل السابق يتعدى بها والمراد بالذكر ما أرسل به كما قيل للقرآن ذكر ويفسر بالموعظة ومن الابتداء والجار والمجرور متعلق بجاء أو بمحذوف وقع صفة لذكر أي ذكر كائن من مالك أموركم ومربيكم .
على رجل منكم أي من جملتكم تعرفون مولده ومنشأه أو من جنسكم فمن تبعيضية أو بيانية كما قيل وعلى متعلقة بجاء بتقدير مضاف أي على يد أو لسان رجل منكم أي بواسطته وقيل : على بمعنى مع فلا حاجة إلى التقدير وقيل : تعلقه به لأن معناه أنزل كما أشير اليه كلام أبي البقاء أو لأنه ضمن معناه وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا من ذكر أي نازلا على رجل منكم لينذركم علة للمجيء أي ليحذركم العذاب والعقاب على الكفر والمعاصي ولتتقوا عطف على لينذركم وكذا قوله تعالى : ولعلكم ترحمون .
36 .
- على ما هو الظأهر فالمجيء معلل بثلاثة أشياء وليس من توارد العلل على معلول واحد الممنوع وبينها ترتب في نفس الأمر فان الانذار سبب للتقوى والتقوى سبب لتعلق الرحمة بهم وليس في الكلام دلالة على سببية كل من الثلاثة لما بعده ولو أريدت السببية لجيء بالفاء وبعضهم اعتبر عطف لتتقوا على لينذركم ولعلكم ترحمون على لتتقوا مع ملاحظة الترتب أي لتتقوا بسبب الانذار ولعلكم ترحمون بسبب التقوى والتأمل .
وجيء بحرف الترجي على عادة العظماء في وعدهم أو للتنبيه على عزة المطلب وأن الرحمة منوطة بفضل الله تعالى فلا اعتماد إلا عليه فكذبوه أي استمروا على تكذيبه وأصروا بعد أن قال لهم ما قال ودعاهم إلى الله تعالى ليلا ونهارا فأنجيناه من الغرق والانجاء في الشعراء من قصدا عداء الله تعالى وشؤم ما أضمروه له عليه السلام والذين معه من المؤمنين وكانوا على ما قيل : أربعين رجلا وأربعين أمرأة وقيل : كانوا عشرة أبناؤه الثلاثة وستة ممن آمن به عليه السلام والفاء للسببية باعتبار الاغراق لا فصيحة وقوله سبحانه