السماء وان منه ماذهب جمع إلى أنه كفر كطلب دخول ابليس وأبي جهل وأضرابهما الجنة وطلب نزول الوحي والتنبي ونحو ذلك من المستحيلات لما فيه من طلب اكذاب الله تعالى نفسه وأخرج أحمد في مسنده وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلّم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء وحسب المرء أن يقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب اليها من قول وعمل ثم قرأ إنه لايحب المعتدين وفصل آخرون فقالوا : الاخفاء أفضل عند خوف الرياء والاظهار أفضل عند عدم خوفه وأولى منه القول بتقديم الاخفاء على الجهر فيما إذا خيف الرياء أو كان في الجهر تشويش على نحو مصل أو نائم أو قاريء أو مشتغل بعلم شرعي وبتقديم الجهر على الاخفاء فيما إذا خلا عن ذلك وكان فيه قصد تعليم جاهل أو نحو ازالة وحشة عن مستوحش أو طرد نحو نعاس أو كسل عن الداعي نفسه أو ادخال سرور على قلب مؤمن أو تنفير مبتدع عن بدعة أو نحو ذلك ومنه الجهر بالترضي عن الصحابة والدعاء لامام المسلمين في الخطبة وقد سن الشافعية الجهر بآمين بعد الفاتحة وهو دعاء ويجهر بها الامام والمأموم عندهم .
وفرق بعضهم بين رفع الصوت جدا كما يفعله المؤذنون في الدعاء بالفرج على المآذن وبين رفعه بحيث يسمعه من عنده فقال : لابأس في الثاني غالبا ولا كذلك الأول والظأهر أن المراد بالمعتدين المجاوزون ما أمروا به في كل شيء ويدخل فيهم المعتدون في الدعاء دخولا أوليا وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أن المعنى في الآية ادعوا ربكم في كل حاجاتكم من أمر الدنيا والآخرة ولا تعتدوا فتدعوا على مؤمن ومؤمنة بشر كالخزي واللعن وقد اختلف العلماء في كفر من دعا على آخر بسلب الايمان أو الموت كافرا وهو من أعظم أنواع الاعتداء والمفتى به عدم الكفر وذكرواالدعاء آدابا كثيرة منها الكون على طهارة واستقبال القبلة وتخلية القلب من الشواغل وافتتاحه واختتامه بالتصلية على النبي A ورفع اليدين نحو السماء واشراك المؤمنين فيه وتحري ساعات الاجابة ومنها يوم الجمعة عند كثير ساعة الخطبة ويدعو فيها بقلبه كما نص عليه أفضل متأخري مصره الفاضل الطحاطاوي في حواشيه على الدر المختار فيما نقله عنه أفقه المعاصرين ابن عابدين الدمشقي ووقت نزول الغيث والافطار وثلث الليل الأخير وبعد ختم القرآن وغير ذلك مما هو مبسوط في محله .
ولا تفسدوا في الأرض نهى عن سائر أنواع الافساد كافساد النفوس والاموال والانساب والعقول والاديان بعد إصلاحها أي اصلاح الله تعالى لها وخلقها على الوجه الملائم لمنافع الخلق ومصالح المكلفين وبعث فيها الأنبياء بما شرعه من الأحكام وادعوه خوفا وطمعا أي ذوي خوف من الرد لقصوركم عن أهلية الأجابة وطمع في اجابته تفضلا منه وقيل : خوفا من عقابه وطمعا في جزيل ثوابه .
وقال ابن جريج المعنى خوف العدل وطمع الفضل وعن عطاء خوفا من اليزان وطمعا في الجنان وأصل الخوف انزعاج القلب لعدم أمن الضرر وقيل : توقع مكروه يحصل فيما بعد والطمع توقع محبوب يحصل له ونصبهما على الحالية كما أشير اليه .
وجوز أن يكون على المفعولية لأجله قيل : ولما كان الدعاء من الله تعالى بمكان كرره وقيده أولا بالأوصاف الظاهرة وآخرا بالأوصاف الباطنة وقيل : الأمر السابق من قبيل بيان شرط الدعاء والثاني من قبيل بيان فائدته وقيل : لا تكرار فما تقدم أمر بالدعاء بمعنى السؤال وهذا أمر بالعاء بمعنى العبادة والمعنى