أعبدوهأعبدوه جامعين في أنفسكم الخوف والرجاء في عبادتكم القلبية والقالبيةوهو كما ترى ومن الناس من أبقى الدعاء على المعنى الظاهر وعمم في متعلق الخوف والطمع والمعنى عنده ادعوه وأنتم جامعون في أنفسكم الخوف والرجاء في أعمالكم كلها وليس بشيء والمختار عند جلة المفسرين ما تقدم .
إن رحمت الله قريب من المحسنين .
65 .
- أعمالهم ومن الأحسان في الدعاء أن يكون مقرونا بالخوف والطمع وقد كثر الكلام في توجيه تذكير قريب مع أنه صفة مخبر بها عن المؤنث وقد نقل ابن هشام في ذلك وجوها ذاكرا مالها وما عليها الأول أن الرحمة في تقدير الزيادة والعرب قد تزيد المضاف قال سبحانه وتعالى : سبح اسم ربك الاعلى أي سبح ربك ألا ترى أنه يقال في التسبيح سبحان ربي ولا يقال سبحان اسم ربي والتقدير إن الله تعالى قريب فالخبر في الحقيقة عن الاسم الأعظم وتعقبه بأن هذا لا يصح عند علماء البصرة لأن الأسماء لاتزاد في رأيهم وإنما تزاد الحروف ومعنى اةية عندهم نزه اسماء ربك عما لايليق بها فلا تجر عليه سبحانه اسما لا يليق بكماله أو اسما غير مأذون فيه فلا زيادة والثاني أن ذلك على حذف مضاف أي ان مكان رحمة الله تعالى قريب فالأخبار إنما هو عن المكان وهو مذكر ونظير ذلك قوله صلى الله عليه وسلّم مشيرا إلى الذهب والفضةان هذين حرام فان الاخبار بالمفرد لأن التقديران استعمال هذين وقول حسان : يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل فانه بتقدير ماء بردى فلذا قال يصفق بالتذكير مع أن بردى مؤنث وتعقب بان هذا المضاف بعيد جدا لا قريب والأصل عدم الحذف والمعنى مع تركه أحسن منه مع وجوده الثالث أنه على حذف الموصوف أي شيء قريب كما قال الشاعر : قامت تبكيه على قبره من لي من بعدك يا عامر تركتني في الدار ذا غربة قد ذل من ليس له ناصر أي شخصا ذا غربة وعلى ذلك يخرج قول سيبويه قولهم : امرأة حائض أي شخص ذو حيض وقول الشاعر أيضا : فلو أنك في يوم الرخاء سألتني طلاقك لم أبخل وأنت صديق وتعقب بأنه أشد ضعفا من سابقه لأن تذكير صفة المؤنث باعتبار اجرائها على موصوف مذكر محذوف شاذ ينزه كلام الله تعالى عنه على أنه لا فصاحة في قولك رحمة الله شيء قريب ولا لطافة بل هو عند ذي الذوق كلام مستهجن ونحو حائض من الصفات المختصة لا يحتاج إلى العلامة لأنها لدفع اللبس ولا لبس مع الاختصاص وسيبويه وإن كان جوادا في هذا المضمار إلا أن الجواد قد يكبووكل أحد يؤخذ من قوله ويترك ألا تراه كيف جوز في باب الصفة المشبهة مررت برجل حسن وجهه باضافة حسن الى الوجه وإضافة الوجه إلى ضمير الرجل وخالفه في ذلك جميع البصريين والكوفيين لأن قد أضاف الشيء إلى نفسه وقد علمت أيضا أن الأصل عدم الحذف الرابع أن العرب تعطي المضاف حكم المضاف اليه في التذكير والتأنيث إذا صح الاستغناء عنه وهو أمر مشهور فالرحمة لاضافتها إلى الاسم الجليل قد اكتسبت ما صحح الاخبار عنها بالمذكر وتعقبه أبو علي الفارسي في تعاليقه على الكتاب بأن هذا التقدير والتأويل في القرآن