أظهر في الآية وأن الشمس مسخرة مأمورة وههنا جاء به على أسلوب ءاخر تمهيدا لقوله سبحانه : ادعوا ربكم أي من هذ الطاقة وآياته في شأنكم فرجح جانب اللفظ على الآصل وللجمع بين القراءتين أيضا اه فتدبر ولا تغفل .
وقريء يغشى بالتشديد للدلالة على التكرار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أي خلقهن حال كونهن مذللات تابعات لتصرفه سبحانه فيهن بما شاء غير ممتنعات عليه جل شأنه كأنهن مميزات أمرن فانقدن فتسمية ذلك أمرا على سبيل التشبيهوالاستعار ويصح حمل الأمر على الارادة كما قيل أي هذه الاجرام العظيمة والمخلوقات البديعة منقادة لارادته ومنهم من حمل الأمر على الأمر الكلامي وقال : أنه سبحانه أمر هذ الأجرام بالسير الدائم والحركية المستمرة على الوجه المخصوصإلى حيث شاء ولا مانع من أن يعطيها الله تعالى ادراكا وفهما لذلك بل ادعى بعضهم أنها مدركة مطلقا وفي بعض الأخبار ما يدل على أن لبعضها ادراكا لغير ما ذكر وأفراد الشمس والقمر بالذكر مع دخولهما في النجوم لاظهار شرفهما عليها لما فيها من مزيد الاشراق والنور وبسيرهما في المنازل تعرف الاوقات وقدم الشمس على القمر ورعاية للمطابقة مع ما تقدم وهي من البديع ولأنها اسنى من القمر وامسى مكانة ومكانا بناء على ما قيل من أنها في السماء الرابعة وأنه في السماء الأولى وليس بمسلم عند المحدثين كالقول بأن نوره مستفاد من نورها لاختلاف تشكلاته على أنحاء متفاوتة بحسب وضعه من الشمس في القرب والبعد عنها مع ما يلحقه من الخسوف لا لاختلاف التشكلات وحده فانه لايوجب الحكم بان نور القمر مستفاد من الشمس قطعا لجواز أن يكون نصفه مضيئا من ذاته ونصفه مظلما ويدور على نفسه بحركة مساوية لحركة فلكه فاذا تحرك بعد المحاق يسيرا رأيناه هلالا ويزداد فنراه بدرا ثم يميل نصفه المظلم شيئا فشيئا إلى أن يؤول إلى المحاق وفي كونها مسخرات دلالة على أنها لا تأثير لها بنفسها في شيء أصلا وقرأ جميعها ابن عامر بالرفع على الابتداء والخبر والنصب بالعطف على السموات والحالية كما أشرنا اليه وجوز تقدير جعل وجعل الشمس مفعولا أولا و مسخرات مفعولا ثانيا ألا له الخلق والأمر كالتذييل للكلام السابق أي أنه تعالى هو الذي خلق الأشياء ويدخل في ذلك السموات والأرض دخولا أوليا وهو الذي دبرها وصرفها على حسب ارادته ويدخل في ذلك ما أشير اليه بقوله سبحانه : مسخرات بأمره لا أحد غيره كما يؤذن به تقديم الظرف .
وفسر بعضهم الأمر هنا بالارادة أيضا وفسر آخرون الأمر بما هو مقابل النهي والخلق بالمخلوق أي له تعالى المخلوقون لأنه خلقهم وله أن يأمرهم بما أراد واستخرج سفيان بن عيينة من هذا أن كلام الله تعالى شأنه ليس بمخلوق فقال : إن الله تعالى فرق بين الخلق والأمر فمن جمع بينهما فقد كفر يعني من جعل الأمر الذي هو كلامه سبحانه من جملة ما خلقه فقد كفر لأن المخلوق لايقوم إلا بمخلوق مثله كذا في تفسير الخازن وليس بشيء كما لا يخفى وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان أن الخلق ما دون العرش والأمر ما فوق ذلك وشاع عند بعضهم إطلاق عالم الأمر على عالم المجردات تبارك الله رب العالمين .
45 .
- أي تقدس وتنزه عن كل نقص ويدخل في ذلك تنزهه تعالى عن نقص في الخلق أو في الأمر دخولا أوليا .
ففي إشارة إلى أنهما طبق الحكمة وفي غاية الكمال ولا يقال ذلك في غيره تعالى بل هو صفة خاصة به سبحانه كما في القاموس وقال الامام : إن البركة لها تفسيران أحدهما البقاء والثبات والثاني كثرة الآثار