إنإن سلامهم على أهل الجنة بامدادهم باسباب التزكية والتخلية والأنوار القلبية وإفاضة الخيرات والبركات عليهم لم يدخلوها أي لم يدخل أولئك الرجال الجنة لعدم احتياجهم اليها وهم يطمعون في كل وقت بما هو أعلى وأغلى وقيل : هم أي أهل الجنة يطمعون في دخول أولئك الرجال ليقتبسوا من نورهم ويستضيئوا بأشعة وجوههم ويستأنسوا بحضورهم وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار ليعتبروا قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين بأن تحفظ قلوبنا من الزيغ ونادى أصحاب الأعراف رجالا من رؤساء أهل النار واطلاق الرجال عليهم وعلى أصحاب الاعراف كاطلاق المسيح على الدجال اللعين وعلى عيسى عليه السلام أهؤلاء إشارة إلى أهل الجنة ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أي الحياة التي أنتم فيها : أو مما رزقكم الله أي النعيم الذي من الله تعالى به عليكم أو أفيضوا علينا من العلم أو العمل لننال به مانلتم قالوا ان الله حرمها في الأرل على الكافرين لسوء استعدادهم وقيل : ان الكفار لما كانوا عبيد البطون حراصا على الطعام والشراب فماتوا على ما عاشوا وحشروا وادخلوا النار على ماماتوا طلبوا الماء أو الطعام ولقد جئناهم بكتاب وهو النبي صلى الله عليه وسلّم الجامع لكل شيء والمظهر الأعظم لنا فصلناه أي أظهرنا منه ما أظهرنا على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون لأنهم المنتفعون منه وان كان من جهة أخرى رحمة للعالمين هل ينظرون إلا تأويله أي مايؤول اليه عاقبة أمره وقيل : الكتاب الذي فصل على علم إشارة إلى البدن الانساني المفصل إلى أعضاء وجوارح وآلات وحواس تصلح للاستكمال على ما يقتضيه العلم الالهي وتأويله ما يؤول اليه أمره في العاقبة من الانقلاب الا ما لا يصلح لذلك عند البعث من هيئات وصور وأشكال تناسب صفاتهم وعقائدهم على مقتضى قوله سبحانه سيجزيهم وصفهم وكما قال سبحانه : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما انتهى .
ويحتمل أن يكون الكتاب المذكور اشارة إلى اةفاق والأنفس وما يؤول اليه كل ظاهر والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام شروع في بيان مبدأ الفطرة أثر بيان معاد الكفرة ويحتمل أنه سبحانه لما ذكر حال الكفار وأشار إلى عبادتهم غيره سبحانه احتج عليهم بمقدوراته ومصنوعاته جل شأنه ودلهم بذلك على أنه لا معبود سواه فقال مخاطبا بالخطاب العام أن ربكم أي خالقكم ومالككم الذي خلق السموات السبع والارض بما فيها كما يدل عليه ما في سورة السجدة على ما يأتي ان شاء الله تعالى تحقيقه في ستة أوقات كقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره أو في مقدار ستة أيام كقوله سبحانه لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا .
فان المتعارف ان اليوم من طلوع الشمس إلى غروبها ولم تكن هي حينئذ نعم العرش وهو المحدد على المشهور موجود إذ ذاك على ما يدل عليه بعض الآيات وليس بقديم كما يقوله من ضل عن الصراط المستقيم لكن ذاك ليس نافعا في تحقق اليوم العرفي والى حمل اليوم على المتعارف وتقدير المضاف ذهب جمع من العلماء وادعوا وهو قول عبد الله بن سلام وكعب الأحبار والضحاك ومجاهد واختاره ابن جرير الطبري ان ابتداء الخلق كان يوم الأحد ولم يكن في السبت خلق آخذا له من السبت بمعنى القطع لقطع الخلق فيه ولتمام الخلق في يوم الجمعة واجتماعه فيه سمي بذلك وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن ابن عباس أنه سمي