وقيل : المراد من الهداية لما هم فيه من النعيم مجاوزة الصراط إلى أن وصلوا اليه ومن الناس من جعل الاشارة إلى نزع الغل من الصدور ولا أراه شيئا وما كنا لنهتدي أي لهذا أو لمطلب من المطالب التي هذا من جملتها لولا أن هدانا الله وفقنا له واللام لتأكيد النفي وهي المسماة بلام الجحود وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه وليس إياه لامتناع تقدم الجواب على الصحيح ومفعول نهتدي وهدانا الثاني محذوف لظهور المراد أو لارادة التعميم كما أشير اليه والجملة حالية أو استئنافية وفي مصاحف أهل الشام ماكنا بدون واو وهي قراءة ابن عامر فالجملة كالتفسير للاولى وهذا كما ترى من رزق خيرا في الدنيا يتكلم بنحو هذا ولا يتمالك أن لايقوله للفرح ولا للقربة وقوله سبحانه : لقد جاءت رسل ربنا بالحق جملة قسمية لم يقصد بها التقرب أيضا وهي بيان لصدق وعد الرسل عليهم السلام إياهم بالجنة على ما نص عليه بعض الفضلاء وقيل : تعليل لهدايتهم .
والباء إما للتعدية فهي متعلقة بجاءت أو للملابسة فهي متعلقة بمقدر وقع حالا من الرسل ولا يخفى ما في هذه الآية من الرد الواضح على القدرية الزاعمين أن كل مهتد خلق لنفسه الهدى ولم يخلق الله تعالى له ذلك ودونك فاعرض قول المعتزلة في الدنيا المهتدي من اهتدي بنفسه على قول الله تعالى حكاية عن قول الموحدين في مقعد صدق وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله واختر لنفسك أي الفرقين تقتدي به ولا أراك أيها العاقل تعدل بما نوه الله تعالى به قول ضال يتذبذب مع هواه وتعصبه ولما رأى الزمخشري هذه الآية كافحه في وجوه قومه فسر الهدى باللطف الذي بسببه يخلق العبد الاهتداء لنفسه وهو لعمري كلام من حرم اللطف نسأل الله تعالى العفو والعافية ونودوا أي نادتهم الملائكة وجوز بعضهم احتمال أن المنادي هو الله والآثار تؤيد الأول .
أن تلكم الجنة أي أي تلكم على ان أن مفسرة لما في النداء من معنى القول ويجوز أن تكون مخففة من أن وحرف الجر مقدر واسمها ضمير شأن محذوف أي بأنها أو بأنه تلكم وأوجب البعض الثاني بناء على أنه يجب أن يؤنث ضمير الشأن إذا كان المسند اليه في الجملة المفسرة مؤنثا والصحيح عدم الوجوب على ماصرح به ابن الحاجب وابن مالك ومعنى البعد في اسم الاشارة اما لرفع منزلتها وبعد مرتبتها وإما لأنهم نودوا عند رؤيتهم إياها من مكان بعيد وإا للاشعار بأنها تلك الجنة التي وعدوها في الدنيا واليه يشير كلام الزجاج .
والظاهر أن تلكم الجنة مبتدأ وخبر وقوله سبحانه : أورثتموها حال من الجنة والعامل فيها معنى الاشارة ويجوز أن تكون الجنة نعتا لتلكم أو بدلا و اورثتموها الخبر ولا يجوز أن يكون حالا من المبتدأ ولا من كم كما قاله أبو البقاء وهو ظاهر والتزم بعضهم في توجيهالبعد أن تلكم خبر مبتدأ محذوف أي هذه تلكم الجنة الموعودة لكم قبل أو مبتدأ حذف خبره أي تلك الجنة التي أخبرتم عنها أو وعدتم بها في الدنيا هي هذه ولا حاجة اليه .
والمنادى له اولا وبالذات كونها موروثة لهم وما قبله توطئة له والميراث مجاز عن الاعطاء أي اعطيتموها بما كنتم تعملون .
34 .
- في الدنيا من الاعمال الصالحة والباء للسببية وتجوز بذلك عن الاعطاء اشارة إلى أن السبب فيه ليس موجبا وإن كان سببا بحسب الظاهر كما أن الارث ملك بدون كسب وإن كان النسب مثلا