بسهولة دون ماتضييق به ذرعا والجملة اعتراض وسط بين المبتدأ وهو الموصول والخبر الذي هو جملة أولئك أصحاب الجنة للترغيب في اكتساب ما يؤدي إلى النعيم المقيم ببيان سهولة مناله وتيسر تحصيله وقيل : المعنى لانكلف نفسا إلا ما يثمر لها السعة أي جنة عرضها السموات والأرض وهو خلاف الظاهر وإن كانت الآية عليه لاتخلو عن ترغيب أيضا وجوز أن يكون اسم الاشارة بدلا من الموصول وما بعده خبر المبتدأ وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلتهم في الفضل والشرف .
وجوز أيضا أن تكون جملة لانكلف الخ خبر المبتدأ بتقدير العائد أي منهم وقوله سبحانه هم فيها خالدون .
24 .
- حال من أصحاب الجنة وجوز كونه حالا من الجنة لاشتماله على ضميرها أيضا والعامل فيها معنى الاضافة أو اللام المقدرة وقيل : خبر لاولئك على رأي من جوزه وفيها متعلق بخالدون قدم عليه رعاية للفاصلة .
ونزعنا ما في صدورهم من غل أي قلعنا ما قلوبهم من حقد مخفي فيها وعداوة كانت بمقتضى الطبيعة لأمور جرت بينهم في الدنيا أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال إن أهل الجنة إذا سيقوا الى الجنة فبلغوها وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان فيشربون من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلن يشعثوا ولن يشحبوا بعدها أبدا وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال يحبس أهل الجنة بعدما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا فيدخلون الجنة وليس في قلوب بعض على بعض غل وقيل المراد طهرنا قلوبهم وحفظناها من التحاسد على درجات الجنة ومراتب القرب بحيث لايحسد صاحب الدرجة النازلة صاحب الدرجة الرفيعة وهذا في مقابلة ما ذكره سبحانه من لعن أهل النار بعضهم بعضا وأيا ماكان فالمراد ننزع لأنه في الآخرة إلا أن صيغة الماضي للايذان بتحققه .
وقيل ان هذا النزع إنما كان في الدنيا والمراد عدم اتصافهم بذلك من أول الأمر إلا أنه عبد عن عدم الاتصاف به مع وجود ما يقتضيه حسب البشرية أحيانا بالنزع مجازا ولعل هذا بالنظر إلى كمل المؤمنين كأصحاب رسول الله A فانهم رحماء بينهم يحب بعضهم بعضا كمحبته لنفسه أو المراد إزالته بتوفيق الله تعالى قبل الموت بعد أن كان بمقتضى الطباع البشرية .
ويحتمل أن يخرج على الوجهين ما أخرجه غير واحد عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في هذه الآية إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم ويقال على الثاني فيما وقع مما ينبيء بظاهره عن الغل إنه لم يكن الا عن اجتهاد اعلاءا لكلمة الله تعالى ولا يخفى بعد هذا المعنى وإن ساعده ظاهر الصيغة و من غل على سائر الاحتمالات حال من ما وقوله سبحانه تحري من تحتهم الانهار حال أيضا إما من الضمير في صدورهم لأن المضاف جزء من المضاف اليه والعامل معنى الأضافة أو العامل في المضاف وإما من ضمير نزعنا على ما قيل والعامل الفعل واختار بعضهم أن الجملة مستأنفة للاخبار عن صفة أحوالهم والمراد تجري من تحت غرفها مياه الانهار زيادة في لذتهم وسرورهم وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا الفوز العظيم والنعيم المقيم والمراد الهداية لما أدى اليه من الأعمال القلبية والقالبية مجازا وذلك بالتوفيق لها وصرف الموانع عن الاتصاف بها