كل شيء المتجافي عن طرفي الافارط والتفريط .
وقال الراغب هو النصيب بالعدل كالنصف والنصفة ويقال : القسط لأخذ قسط غيره وذلك جوز والاقساط لاعطاء قسط غيره وذلك انصاف ولذلك يقال : قسط الرجل إذا جار وأقسط إدا عدل وهذا أولى مما قاله الطبرسي من أن أصله الميل فان كان إلى جهة الحق فعدل ومنه قوله سبحانه : ان الله يحب المقسطين وإن كان إلى جهة الباطل فجور ومنه قوله تعالى : وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا والمراد به هنا على ما نقل عن أبي مسلم جميع الطاعات والقرب .
وروي عن ابن عباس والضحاك أنه التوحيد وقول لا إله إلا الله ومجاهد والسدي وأكثر المفسرين على أنه الاستقامة والعدل في الأمور وأقيموا وجوهكم أي توجهوا إلى عبادته تعالى مستقيمين غير عادلين إلى غيرها عند كل مسجد أي في وقت كل سجود كما قال الجبائي أو مكانه كما قال غيره فعند بعنى في والمسجد اسم زمان أو مكان بالمعنى اللغوي وكان حقه فتح العين لضمها في المضارع إلا أنه مما شذ عن القاعدة وزعم بعضهم أنه مصدر ميمي والوقت مقدر قبله والسجود مجاز عن الصلاة وقال غير واحد : المعنى توجهوا إلى الجهة التي أمركم الله تعالى بالتوجه اليها في صلاتكم وهي جهة الكعبة والأمر على القولين للوجوب .
واختار المغربي أن المعنى إذا أدركتم الصلاة في أي مسجد فصلوا ولا تؤخروها حتى تعودوا إلى مساجدكم والأمر على هذا للندب والمسجد بالمعنى المصطلح ولا يخفى ما فيه من البعد ومثله ما قيل : إن المعنى اقصد المسجد في وقت كل صلاة على أنه أمر بالجماعة ندبا عند بعض ووجوبا عند ءاخرين والواو للعطف وما بعده قيل معطوف على الأمر الذي ينحل اليه المصدر مع أن أي أن اقسطوا والمصدر ينحل إلى الماضي والمضارع والأمر وقال الجرجاني إنه عطف على الخبر السابق المقول لقل وهو إنشاء معنى وإن أبيت فالكلام من باب الحكاية .
وجوز أن يكون هناك قل مقدرا معطوفا على نظيره و أقيموا مقول له وأن يكون معطوفا على محذوف تقديره قل أقبلوا وأقيموا وادعوه أي اعبدوه مخلصين له الدين أي الطاعة فالدعاء بمعنى العبادة لتضمنها له والدين بالمعنى اللغوي وقيل : إن هذا أمر بالدعاء والتضرع اليه سبحانه على وجه الاخلاص أي ارغبوا اليه في الدعاء بعد اخلاصكم له في الدين كما بدأكم أي أنشأكم ابتداء تعودون .
92 .
- اليه سبحانه فيجازيكم على أعمالكم فامتثلوا أوامره أو فاخلصوا له العبادة فهو متصل بالأمر قبله وقال الزجاج انه متصل بقوله تعالى فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ولا يخفى بعده ولم يقل سبحانه يعيدكم كما الملائم لما قبله إشارة الى أن الاعادة دون البدء من غير مادة بحيث تصور الاستغناء عن الفاعل لكان فيها دونه فهو كقوله تعالى : وهو أهون عليه سواء كانت الاعادة الايجاد بعد الاعدام بالكلية أو جمع متفرق الأجزاء وإنما شبهها سبحانه بالابداء تقريرا لامكانها والقدرة عليها وقال قتادة المعنى كما بدأكم من التراب تعودون اليه كما قال سبحانه منها خلقناكم وفيها نعيدكم وقيل المعنى كما بدأكم لا تملكون شيئا كذلك تبعثون يوم القيامة