مدعي رؤيتهم في صورهم الأصلية إذا كانت مظنة للكرامة وليس في الآية أكثر من نفي رؤيتهم كذلك بحسب العادة على أنه يمكن أن تكون الآية خارجة مخرج التمثيل لدقيق مكرهم وخفي حيلهم وليس المقصود منها نفي الرؤية حقيقة ومن هذا يعلم أن القول بكفر مدعي تلك الرؤية خارج عن الانصاف فتدبر .
إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لايؤمنون .
72 .
- أي قرناء لهم مسلطين عليهم متمكنين من إغوائهم بما أوجدنا بينهم من المناسبة أو بارسالهم عليهم وتمكينهم منهم والجملة اما تعليل آخر للنهي وتأكيد للتحذير اثر تأكيد واما فذلكة لحكاية السابقة وقوله سبحانه وإذأ فعلوا فاحشة جملة مبتدأ لا محل لها من الاعراب وجوز عطفها على الصلة والفاحشة الفعلة القبيحة المتناهية في القبح والتاء ام لأنها مجراة على الموصوف المؤنث أي فعلة فاحشة وإما للنقل من الوصفية الى الاسمية والمراد بها هنا عبادة الاصنام وكشف العورة في الطواف ونحو ذلك .
وعن الفراء تخصيصها بكشف العورة وفي الآية على ما قاله الطبرسي حذف أي وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها قالوا جواب للناهين وجدنا ءاباءنا والله أمرنا بها محتجين بامرين تقليد الآباء والافتراء على الله سبحانه وتقديم المقدم للايذان بأنه المعول عليه عندهم أو للاشارة منهم إلى أن آبائهم إنما كانوا يفعلونها بامر الله تعالى على أن ضمير أمرنا كما قيل لهم ولآبائهم وحينئذ يظهر وجه الاعراض عن الأول في رد مقالتهم بقوله تعالى : قل إن الله لا يأمر بالفحشاء فان عادته تعالى جرت على الأمر بمحاسن الاعمال والحث على مكارم الخصال وهو اللائق بالحكمة المقتضية أن لا لا يتخلف وقال الامام لم يذكر سبحانه جوابا عن حجتهم الأولى لانها اشارة إلى محض التقليد وقد تقرر في العقول أنه طريقة فاسدة لأن التقليد حاصل في الاديان المتناقضة فلو كان التقليد حقا لزم القول بحقية الاديان المتناقضة وأنه محال فلما كان فساد هذا الطريق ظاهر الم يذكر الله تعالى الجواب عنه وذكر بعض المحققين أن الاعراض إنما هو عن التصريح برده والا فقوله سبحانه : إن الله الخ متضمن للرد لأنه سبحانه إذا أمر بمحاسن الاعمال كيف يترك أمره لمجرد اتباع اةباء فيما هو قبيح عقلا والمراد بالقبح العقلي هنا نفرة الطبع السليم واستنقاص العقل المستقيم لا كون الشيء متعلق الذم قبل ورود النهي عنه وهو المتنازع فيه بيننا وبين المعتزلة دون الاول كما حقق في الاصول فلا دلالة في اةية على ما زعموه وقيل : إن المذكور جوابا لسؤالين مترتبين كأنه قيل لهم لما فعلوها لم فعلتم قالوا : وجدنا آباءنا فقيل ومن أين أخذا اباؤكم فقالوا الله امرنا بها والكلام حينئد على تقدير مضاف أي أمر آباءنا وقيل : لاتقدير والعدول عن أمرهم الظأهر حينئذ للاشارة إلى ادعاء أن أمر ابائهم أمر لهم وعلى الوجهين يمتنع التقليد إذا قام الدليل على خلافه فلا دلالة في الآية على المنع من التقليد مطلقا .
أتقولون على الله ما لا تعلمون .
82 .
- من تمام القول المأمور به والهمزة لانكار الواقع واستقباحه والاشارة الى أنه لا ينبغي أن يكون وتوجيه الانكار إلى قولهم عليه تعالى ما لا يعلمون صدوره منه عز شأنه مع أن منهم من يقول عليه سبحانه ما يعلم عدم صدوره مبالغة في انكار تلك الصورة ولا دليل في الآية لمن نفى القياس بناء على أن ما يثبت به مظنون لا معلوم لأن ذلك مخصوص من عمومها باجماع الصحابة ومن يعتد به أو بدليل ءاخر وقيل المراد بالعلم ما يشمل الظن قل أمر ربي بالقسط بيان المأمور به إثر نفي ما أسند أمره اليه تعالى من الأمور المنهي عنها والقسط على ما قاله غير واحد العدل وهو الوسط من