ما قاله القطب لحكاية الحال الماضية لأن النزع السلب وهو ماض بالنسبة إلى الاخراج وإن كان العري باقيا .
وقوله جل شأنه : انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم تعليل للنهي كما هو معروف في الجملة المصدرة بان في أمثاله وتأكيد للتحذير لأن العدو إذا أتى من حيث لايرى كان أشد وأخوف والضمير في إنه للشيطان .
وجوز أن يكون للشأن وهو تأكيد للضمير المستتر في يراكم وقبيله عطف عليه لا على البارز لأنه لا يصلح للتأكيد وجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر و من لابتداء الغاية و حيث ظرف لمكان انتفاء الرؤية وجملة لاترونهم في محل جر بالاضافة : وعن أبي اسحاق أن حيث موصولة وما بعد صلة لها ولعل مراده أن ذلك كالموصول والا فلا قائل به غيره كما قال أبو على الفارسي والقبيل الجماعة فان كانوا من أب واحد فهم قبيلة والمراد بهم هنا جنوده من الجن وقرأ اليزيدي وقبيله بالنصب وهو عطف على أسم إن ويتعين كون الضمير للشيطان ولا يصح كونه للشأن خلافا لمن وهم فيه لانه لا يصلح العطف عليه ولا يتبع بتابع .
والقضية مطلقة لا دائمة فلا تدل على ماذهب اليه المعتزلة من أن الجن لايرون ولا يظهرون للانس أصلا ولا يتمثلون .
ويشهد لما قلنا ما صح من رؤية النبي صلى الله عليه وسلّم لمقدمهم حين رام أن يشغله E عن صلاته فامكنه الله تعالى منه وأراد أن يربطه من سواري المسجد يلعب به صبيان المدينة فذكر دعوة سليمان عليه السلام فتركه ورؤية ابن مسعود لجن نصيبين وما نقل عن الشافعي رضي الله تعالى عنه من أن من زعم أنه رآهم ردت شهادته وعزر لمخالفته القرآن محمولا كما قال البعض على زاعم رؤية صورهم التي خلقوا عليها إذ رؤيتهم بعد التشكل الذي أقدرهم الله تعالى عليه مذهب أهل السنة وهو رضي الله تعالى عنه من ساداتهم وما نوزع به القول بقدرتهم على التشكل من استلزامه رفع الثقة بشيء فان من رأى واو ولده يحتمل انه رأى جنيا تشكل به مردود بأن الله تعالى تكفل لهذ الأمة بعصمتها عن أن يقع فيها ما يؤدي لمثل ذلك المترتب عليه الريبة في الدين ورفع الثقة بعالم وغيره فاستحال شرعا الاستلزام المذكور وقول العلامة البيضاوي بعد تعريف الجن في سورتهم بما عرف وفيه دليل على انه A ما رآهم ولم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر الله تعالى بذلك ناشيء من عدم الأطلاع على الأحاديث الصحيحة الكثيرة المصرحة برؤيته A لهم وقراءته عليهم وسؤالهم منه الزاد لهم ولدوابهم على كيفيات مختلفة وعندي أنه لا مانع من رؤيته A للجن على صورهم التي خلقوا عليها فقد رأى جبريل عليه السلام بصورته الأصلية مرتين وليست رؤيتهم بأبعد من رؤيته ورؤية كل موجود عندنا في حيز الامكان واللطافة المانعة من رؤيتهم عند المعتزلة لا توجب الاستحالة ولا تمنع الوقوع خرقا للعادة وكذا تعليل الاشاعرة عدم الرؤية بأن الله تعالى لم يخلق في عيون الانس قوة الادراك لا يقتضي الاستحالة أيضا لجواز أن يخلق الله تعالى في عين رسوله E الرائي له جل شأنه بعيني رأسه على الأصح ليلة المعراج تلك القوة فيراهم بل لا يبعد القول برؤية الاولياء رضي الله تعالى عنهم لهم كذلك لكن لم أجد صريحا ما يدل على وقوع هذه الرؤية وأما رؤية الأولياء بل سائر الناس لهم متشكلين فكتب القوم مشحونة بها ودفاتر المؤرخين والقصاص ملأى منها وعلى هذا لا يفسق