تعالى فنسي ولم نجد له عزما وجعل العتاب الآتي على ترك التحفظ فتدبر فلما ذاقا الشجرة أي أكلا منها أكلا يسيرا بدت لهما سوءتهما قال الكلبي : تهافت عنهما لباسهما فأبصر كل منهما عورة صاحبه فاستحيا وطفقا أخذا وجعلا فهو من أفعال الشروع وكسر الفاء فيه أفصح من فتحها وبه قرأ أبو السمال يخصفان أي يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة وأصل معنى الخص الخرز في طاقات النعال ونحوها بالصاق بعضها ببعض وقيل أصله الضم والجمع عليهما أي على سوآتهما أو على بدنهما ففي الكلام مضاف مقدر وقيل : الضمير عائد على سوءاتهما .
من ورق الجنة وكان ذلك بعض ورق التين على ماروي عن قتادة وقيل : الموز وقرأ الزهري يخصفان من أخصف وأصله خصف إلا أنه كما قال الجاربردي نقل إلى أخصف للتعدية وضمن الفعل لذلك معنى التصيير فصار الفاعل في المعنى مفعولا للتصيير علا لأصل الفعل فيكون التقدير يخصفان أنفسهما أي يجعلا أنفسهما خاصفين عليهما من ورق الجنة فحذف مفعول التصيير وجوز بعضهم كون خصف وأخصف بمعنى وقرأ الحسن يخصفان بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد من الافتعال وأصله يختصفان سكنت التاء وأدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين وقرأ يعقوب بفتحها وقريء يخصفان من خصف المشدد بفتح الخاء وقد ضمت اتباعا للياء وهي قراءة عسرة النطق وناداهما ربهما بطريق العتاب والتوبيخ الم أنهكما تفسير للنداء فلا محل له من الاعراب أو معمول لقول محذوف أي وقال أو قائلا : ألم أنهكما عن تلكما الشجرة إشارة إلى الشجرة التي نهيا عن قربانها والتثنية لتثنية المخاطب .
وأقل لكما عطف على أنهكما أي ألم أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين .
22 .
- أي ظاهر العداوة وهذا على ما قيل : عتاب وتوبيخ على الاغترار بقول العدو كما أن الأول عتاب على مخالفة النهي ولم يحك هذا القول ههنا وقد حكي في سورة طه بقوله سبحانه : ان هذا عدو لك ولزوجك الآية و لكما متعلق بعدو لما فيه من معنى الفعل أو بمحذؤف وقع حالا منه .
واستدل بعضهم بالآية على أن مطلق النهي للتحريم لما فيها من اللوم الشديد مع الندم والاستغفار المفهوم مما يأتي والأكثرون على أن النهي هنا للتنزيه وندمهما واستغفارهما على ترك الأولى وهو في نظرهما عظيم وقد يلام عليه أشد اللوم إذا كان فاعله من المقربين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا أي ضررنا بالمعصية وقيل : نقصناها حظها بالتعرض للاخراج من الجنة وحذفا حرف النداء مبالغة في التعظيم لما أن فيه طرفا من معنى الأمر .
وإن لم تغفر لنا ذلك بعدم العقاب عليه وترحمنا بالرضا علينا وقيل : المراد وإن لم تستر علينا بالحفظ عما يتسبب نقصان الحظ وترحمنا بالتفضل علينا بما يكون عوضا عما فاتنا لنكونن من الخاسرين .
32 .
- جواب قسم مقدر دل على جواب الشرط السابق على ما قيل واستدل بالآية على أن الصغائر يعاقب عليها مع اجتناب الكبائر ان لم يغفر الله تعالى وذهب المعتزلة إلى أن اجتناب الكبائر يوجب تكفير الصغائر وإن لم يتب العبد منها وجعلوا لذلك ما ذكر هنا جاريا على عادة الأولياء والصالحين في تعظيمهم الصغير من