الوسوسة وهي في الأصل الصوت الخفي المكرر ومنه قيل لصوت الحلي وسوسة وقد كثرت فعللة في الأصوات كهينمة وهمهمة وخشخشة وتطلق على حديث النفس أيضا وفعلها وسوس وهو لازم ويقال : رجل موسوس بكسر الواو على الحذف والايصال والكلام في كيفية وسوسة اللعين قد تقدمت الاشارة اليه في سورة البقرة .
ليبدي لهما أي ليظهر لهما واللام إما للعاقبة لأن الشيطان لم يقصد بوسوسته ذلك ولم يخطر له ببال وإنما مال الأمر اليه واما للتعليل على ما هو الأصل فيها ولا يبعد أنه أراد بوسوسته أن يسوءهما بانكشاف عورتيهما ولذلك عبر عنهما بالسوأة ويكون هذا مبنيا على الحدس أو العلم بالسماع من الملائكة او الاطلاع على اللوح قيل : وفي ذلك دليل على أن كشف العورة في الخلوة وعند الزوج من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع .
ماوري عنهما من سوءاتهما أي ما غطي وستر عنهما من عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر وكانت مستورة بالنور على ما أخرجه الحكيم الترمذي وغيره عن وهب بن منبه أو بلباس كالظفر على ما أخرجه ابن ابي حاتم عن السدي وجمع السوآت على حد صغت قلوبكما واعتبار الاجزاء بعيد والمتبادر من هذا الكلام حقيقته : وقيل هو كناية عن إرالة الحرمة واسقاط الجاه و ووري بواوين ماضي وارى كضارب وضورب أبدلت ألفه واوا فالواو الأولى فاء الكلمة والثانية زائدة .
وقرأ عبد الله أوري بالهمزة لأن القاعدة إذا اجتمع واوان في أول كلمة فان تحركت الثانية كان لها نظير متحرك وجب ابدال الأولى همزة تخفيفا مثال الأول أو يصل واواصل في تصغير واصل وتصغيره ومثال الثاني أولى أصله وولى فابدلت الأولى لما تحركت الثانية في الجمع وهو أول فان بلم يتحرك بالفعل أو القوة جاز الابدال وعدمه كما هنا قاله الشهاب نقلا عن النحاة وقريء سوأتهما بالافراد والهمزة على الأصل و سوتهما بابدال الهمزة واوا وادغام الواو في الواو وقريء سواتهما بالجمع وطرح حركة الهمزة على ما قبلها وحذفها و سواتهما بالطرح وقلب الهمزة واوا والادغام وقال عطف على وسوس بطريق البيان ما نهاكما ربكم عن هذ الشجرة أي الأكل منها إلا أن تكونا ملكين استثناء مفرغ من المفعول لأجله بتقدير مضاف أو حذف حرف النفي ليكون علة أي كراهية أن تكونا أو لئلا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين .
2 .
- أي الذين لا يموتون أصلا أو الذين يخلدون في الجنة .
وقرأ ابن عباس ويحيى بن كثير ملكين بكسر اللام قال الزجاج : ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى حكاية عن اللعين هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى واستدل بالآية على أفضلية الملائكة حيث أن اللعين قال ذلك ولم ينكر عليه وارتكب آدم عليه السلام المنهي عنه طمعا فيما أشار اليه الشيطان من الصيرورة ملكا فلولا أنه أفضل لم يرتكبه وأجيب بأن رغبتهما إنما كانت في أن يحصل لهما أوصاف الملائكة من الكمالات الفطرية والاستغناء عن الاطعمة والأشربة ونحو ذلك ونحن لا نمنع أفضلية الملائكة من هذه الأوجه وإنما نمنع أفضليتهم من كل الوجوه والآية لا تدل عليه وأيضا قد يقال : ان رغبتهما كانت في الخلود فقط وفي اية طه ما يشير اليه حيث عقب فيها الترغيب في الخلود بالاكل واعترض بأن رغبتهما في الخلود تستلزم الكفر