الاولين بحرف الابتداء لأنه منهما متوجه اليهم وإلى الآخرين بحرف المجاوزة فان الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم ونظيره قولهم : جلست عن يمينه وذكر القطب في بيان وجه ذلك ما بناه على ماقاله بعض حكماء الاسلام وهو أن من للاتصال وعن للانفصال وأثر الشيطان في قوتي الدماغ حصول العقائد الباطلة كالشرك والتشبيه والتعطيل وهي مرتسمة في النفس الانسانية متصلة بها وفي الشهوة والغضب حصول الاعمال السيئة الشهوانية والغضبية وهي تنفصل عن النفس وتنعدم فلهذا أورد في الجهتين الاوليين من الاتصالية وفي الاخريين عن الانفصالية وقيل : خص اليمين والشمال بعن لأن ثمة ملكين يقتضيان التجاوز عن ذلك وفيه نظر لا يخفى وادعى بعضهم أن الآية كالدليل على أن اللعين لا يمكنه أن يدخل في بدن ابن آدم ويخالطه إد لو أمكنه ذلك لذكره في باب المبالغة وحديث إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من باب التمثيل اقتضى عدم الذكر فتدبر ولا تجد أكثرهم شاكرين .
71 .
- أي مطيعين وانما قال ذلك ظنا كما روي عن الحسن وأبي مسلم لقوله تعالى ولقد صدق عليهم ابليس ظنه لما رأى أن للنفس تسع عشرة قوة للحواس الظاهرة والباطنة والشهوة والغضب والقوى السبع النباتية الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة وانها بأسرها تدعو النفس إلى عالم الجسم وأن ليس هناك ما يدعو الى عالم الارواح الا قوة واحدة وهي العقل وما يصنع واحد مع متعدد : أرى ألف بان لا يقوم بهادم فكيف ببان خلفه ألف هادم وعن الجبائي أنه سمع ذلك من الملائكة فقاله على سبيل القطع وقيل : إنه رآه قبل اللوح المخفوظ .
ووجد اما بمعنى صادف فينصب مفعولا واحدا وهو أكثرهم وشاكرين حال وإما بمعنى علم فينصب مفعولين ثانيهما شاكرين والجملة اما معطوفة على المقسم عليه وإما مستأنفة وإنما لم يفرعها على ما تقدم لأن مضمونها بمقتضى الجبلة أيضا لا بمجرد اغوائه ووجه التعبير بالاكثر ظاهر قال استئناف كما مر غير مرة : اخرج منها أي من الجنة أو زمرة الملائكة أو من السماء الخلاف السابق مذءوما أي مذموما كما روي عن ابن زيد أو مهانا لعينا كما روي عن ابن عباس وقتادة وفعله ذأم وقرأ الزهري مذموما بذال مضمومة وواو ساكنة وفيه احتمالان الأول أن يكون مخففا من المهموز بنقل حركة الهمزة إلى الساكن ثم حذفها والثاني أن يكون من ذام بالألف كباع وكان قياسه على هذا مذيم كمبيع إلا أنه أبدلت الواو من الياء على حد قولهم مكول من مكيل مع أنه من الكيل ونصبه على الحال وكذا قوله تعالى : مدحورا وهو من الدحر بمعنى الطرد والابعاد وجوز في هذا أن يكون صفة واللام في قوله سبحانه لمن تبعك منهم على ما في الدر المصون موطئة للقسم و من شرطية في محل رفع مبتدأ وقوله عز اسمه لأملأن جهنم منكم أجمعين .
81 .
- جواب القسم وهو ساد مسد جواب الشرط والخلاف في خبر المبتدأ في مثل ذلك مشهور وجوز أن تكون اللام لام الابتداء ومن موصولة مبتدأ صلتها تبعك والجملة القسمية خبر وقرأ عصمة عن عاصم لمن بكسر اللام فقيل إنها متعلقة بالذأم والدحر على التنازع واعمال الثاني أي اخرج بهاتين الصفتين لاجل اتباعك وقيل : إن الجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف