خبر واما مبتدأ ثان و المفلحون خبره والجملة خبر المبتدأ الأول وتعريف المفلحين للدلالة على أنهم الناس الذين بلغك انهم مفلحون فيالآخرة أو إشارة إلى ما يعرفه كل أحد من حقيقة المفلحين وخصائصهم .
ومن خفت موازينه فاؤلئك الذين خسروا أنفسهم بتضييع فطرة الاسلام التي ما من مولود إلا يولد عليها أو فطرة الخير الذي هو أصل الجبلة .
وقوله تعالى : بما كانوا بآياتنا يظلمون .
9 .
- متعلق بخسروا وما مصدرية و بآياتنا متعلق بيظلمون وقدم عليه للفاصلة وعدي الظلم بالباء لتضمنه معنى التكذيب أو الجحود والجمع بين صيغتي الماضي والمضارع للدلالة على استمرار الظلم في الدنيا وظاهر النظم الكريم أن الوزن ليس مختصا بالمسلمين بل الكفار أيضا توزن أعمالهم التي لا توقف لها على الاسلام والى ذلك ذهب البعض وادعى القرطبي أن الصحيح أنه يخفف بها عذابهم وإن لم تكن راجحة كما ورد في حق أبي طالب وذهب الكثير الى أن الوزن مختص بالمسلمين وأما الكفار فتحبط أعمالهم كيفما كانت وهو أحد الوجهين في قوله تعالى : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ولا يخفف بها عنهم من العذاب شيء وما ورد من التخفيف عن ابي طالب فقد قال السخاوي ان المعتمد أنه مخصوص به وعلى هذا فلابد من ارتكاب خلاف الظأهر في الآية وهي على كلا التقديرين ساكتة عن بيان حال من تساوت حسناته وسيئاته وهم أهل الاعراف على قول ومن هنا استدل بها بعضهم على عدم وجود هذا القسم ورد بأنه قد يدرج في القسم الأول لقوله سبحانه خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله تعالى تحقيق كما صرحوا به وفيه نظر ولقد مكناكم في الأرض ترغيب في قبول دعوة النبي E بتذكير النعم إثر ترغيب .
وذكر الطيبي ان هذا نوع آخر من الانذار فانه جملة قسمية معطوفة على قوله سبحانه اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم على تقدير قل اتبعوا وقل والله لقد مكناكم والمعنى جعلنا لكم في الأرض مكانا وقرارا .
وقيل : أقدرناكم على التصرف فيها فهو حينئذ كناية ورجحت هنا الحقيقة وجعلنا لكم فيها معايش أي ما تعيشون به وتحيون من المطاعم والمشارب ونحوها أو ما تتوصلون به إلى ذلك وهو في الأصل مصدر عاش يعيش وعيشة ومعاشا ومعيشة بوزن مفعلة والجمهور على التصريح بالياء فيها وروي عن نافع معائش بالهمزة وغلطه النحويون ومنهم سيبويه في ذلك لأنه لا يهمز عندهم بعد الف الجمع الا الياء الزائدة كصحيفة وصحائف وأما معايش فياؤه أصلية هي عين الكلمة لأنها من العيش وبالغ أبو عثمان فقال إن نافعا لم يكن يدري بالعربية وتعقب ذلك بأن هذه القراءة وإن كانت شاذة غير متواترة مأخوذة من الفصحاء الثقات والعرب قد تشبه الأصلي بالزائد لكونه على صورته وقد سمع هذا عنهم فيما ذكر وفي مصائب ومنائر أيضا .
وقال سيبويه انها غلط يمكن أن يراد به أنها خارجة عن الجادة والقياس وكثيرا ما يستعمل الغلط في كتابة بهذا المعنى والجعل بمعنى الانشاء وابداع وكل واحد من الظرفين متعلق به أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله المنكر إد لو تأخر لكان صفة له وتقديمها على المفعول مع ان حقهما التأخير عنه كما قال بعض المحققين للاعتناء بشأن المقدم والتشويق الى المؤخر فان النفس عند تأخير ما حقه التقديم لاسيما عند كون المقدم