وجوز كون ذلك خبر مبتدأ مقدر أي الأمر ذلك أو مبتدأ خبره ما بعده والعائد محذوف أي جزيناهم إياه ببغيهم أي بسبب ظلمهم وهو قتلهم الانبياء بغير حق وأكلهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وكانوا كلما أتوا بمعصية عوقبوا بتحريم شيء مما أحل لهم وهم ينكرون ذلك ويدعون أنها لم تزل محرمة على الأمم وقيل : المراد ببغيهم على فقرائهم بناء على ما نقل علي بن ابراهيم في تفسيره أن ملوك بني اسرائيل كانوا يمنعون فقراءهم من أكل لحوم الطير والشحوم فحرم الله تعالى عليهم ذلك بسبب هذا المنع وهو تابع للمصلحة أيضا ولا بعد في أن يكون المنع نت الانتفاع لمزيد استحقاق الثواب وأن يكون لجرم متقدم وانا لصادقون .
641 .
- في جميع أخبارنا التي من جملتها الأخبار بالتحريم وبالبغي وعد منها واقتصر عليه بعضهم م الوعد والوعيد .
وقوى الامام بهذه الآية ما ذهب اليه الامام مالك وكثير من السلف وهو القول بما يقتضيه ظاهر الآية السابقة من حل ما عدا الاربعة المذكورة فيها وذلك أنه أوجب حمل الظفر على المخلب لبعد حمله على الحافر لوجهين الاول ان الحافر لا يكاد يسمى ظفرا والثاني أن الامر لو كان كذلك لوجب أن ياقل إنه تعالى حرم عليهم كل حيوان له حافر وهو باطل لأن الآية تدل على أن الغنم والبقر مباحان لهم مع حصول الحافر لهم وإدا وجب حمله على المخلب والآية تفيد تخصيص هذه الحرمة باليهود كما أشرنا اليه من وجهين الأول افادة التركيب الحصر لغة والثاني انها لو كانت ثابتة في حق الكل لم يبق للاقتصار على ذكرهم فائدة ووجب أن لا تكون السباع وذوات المخلب من الطير محرمة على المسلمين بل يكون تحريمها مختصا باليهود وحينئذ فما روي أنه صلى الله عليه وسلّم حرم كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير ضعيف لأنه خبر واحد على خلاف كتاب الله تعالى فلا يكون مقبولا فيتقرر قول الجماعة السابق وفيه نظر لا يخفى فتدبر فان كذبوك أي اليهود كما قال مجاهد والسدي وغيرهما وهو الذي يقتضيه الظأهر لأنهم أقرب ذكرا ولذكر المشركين بعد بعنوان الاشراك وقيل : الضمير للمشركين فالمعنى على الأول إن كذبك اليهود في الحكم المذ : ور وأصروا على ما كانوا عليه من إدعاء قدم التحريم فقل لهم ربكم ذو رحمة عظيمة واسعة لايؤاخذكم بكل ما تأتونه من المعاصي ويمهلكم على بعضها ولا يرد بأسه أي لا يدفع عذابه بالكلية عن القوم المجرمين .
741 .
- فلا تنكروا ما وقع منه تعالى من تحريم بعض الطيبات عليكم عقوبة وتشديدا وعلى الثاني فان كذبك المشركون فيما فصل من أحكام التحليل والتحريم فقل لهم ربكم ذو رحمة واسعة ولا يعالجكم بالعقوبة على تكذيبكم فلا تغتروا بذلك فانه امهال لا أهمال .
وقيل : يحتمل أن يكون المراد أنه تعالى ذو رحمة واسعة فهو يرحمني بتوفيق كثير لتصديقي فلا يضرني تكذيبكم ويضركم لأنه لا يرد بأسه عن المجرمين المكذبين أو سيرحمني بالانتقام منكم ولا يرد بأسه عنكم وفيه بعد وقيل : المراد ذو رحمة للمطيعين وذو بأس شديد على المجرمين فاقيم مقامه قوله تعالى ولا يرد الخ لتضمنه التنبيه على إنزال البأس عليهم مع الدلالة أنه لا حق بهم البتة من غير صارف يصرفه عنهم أصلا .
سيقول الذين أشركوا حكاية لفن آخر من أباطيلهم والاخبار قبل وقوعه ثم وقوعه حسبما أخبركما يحكيه قوله تعالى عند وقوعه : وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء صريح في أنه من