في الهبة واخرج البخاري في التأريخ عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده إن هذا الا كما قال الله تعالى : خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا قد خسر الذين قتلوا أولادهم وهم العرب الذين كانوا يقتلون أولادهم على ما مر وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنها نزلت فيمن كان يئد البنات من ربيعة ومضر أي هلكت نفوسهم باستحقاقهم على ذلك العقاب أو ذهب دينهم .
وقرأ ابن كثير وابن عامر قتلوا بالتشديد لمعنى التكثير أي فعلوا ذلك كثيرا سفها بغير علم أي لخفة عقلهم وجهلهم بصفات ربهم سبحانه ونصب سفها على أنه علة لقتلوا أو على أنه حال من فاعله ويؤيده أنه قريء سفهاء أو على المصدرية لفعل محذوف دل عليه الكلام والجار والمجرور أما صفة أو حال .
وحرموا ما رزقهم الله من البحائر والسوائب ونحوها افتراء على الله نصب على أحد الأوجه المذكورة وإظهار الاسم الجليل في موضع الاضمار لاظهار كمال عتوهم وطغيانهم قد ضلوا عن الطريق السوي وما كانوا مهتدين .
41 .
- اليه وإن هدوا بفنون الهدايات أو ما كانوا مهتدين من الاصل والمراد المبالغة في نفي الهداية عنهم لأن صيغة الفعل تقتضي حدوث الضلال بعد أن لم يكن فأردف ذلك بهذه الحال لبيان عراقتهم في الضلال وأن ضلالهم الحادث ظلمات بعضها فوق بعض وصرح بعض المحققين بأن الجملة عطف على ضلوا على الأول واعتراض على الثاني وقرأ ابن رزين قد ضلوا قبل ذلك وما كانوا مهتدين .
وهو الذي أنشأ جنات معروشات تمهيد لما سيأتي من تفصيل أحوال الانعام وقال الامام : إنه عود إلى ما هو المقصود الأصلي وهو إقامة الدلائل على تقرير التوحيد أي وهو الذي خلق وأظهر تلك الجنات من غير شركة لأحد في ذلك بوجه من الوجوه والمعروشات من الكرم ما يحمل على العريش وهو عيدان تصنع كهيئة السقف ويوضع الكرم عليها وغير معروشات وهي الملقيات على وجه الأرض من الكرم أيضا وهذا قول من قال : إن المعروشات وغيرها كلاهما للكرم وعن أبي مسلم أن المعروش ما يحتاج إلى أن يتخذ له عريش يحمل عليه فيمسكه من الكرم وما يجري مجراه وغير المعروش هو القائم من الشجر المستغني باستوائه وقوة ساقه عن التعريش وفي رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المعروش ما يحصل في البساتين والعمرانات مما يغرسه الناس وغير المعروش ما نبت في البراري والجبال وقيل : المعروش العنب الذي يجعل له عريش وغير المعروش كل ما ينبت منبسطا على وجه الأرض مثل القرع والبطيخ وقال عصام الدين : ولا يبعد أن يراد بالمعروش المعروش بالطبع كالاشجار التي ترتفع وبغير المعروش ما ينبسط على وجه الأرض كالكرم ويكون قوله سبحانه : والنخل والزرع تخصيصا بعد التعميم وهو عطف على جنات أي أنشأهما مختلفا في الهيئة والكيفية أكله أي ثمره الذي يؤكل منه وقرأ ابن كثير ونافع أكله بسكون الكاف وهو لغة فيه على ما يشير اليه كلام الراغب والضمير اما أن يرجع إلى أحد المتعاطفين على التعيين ويعلم حكم الآخر بالمقايسة اليه أو إلى كل واحد على البدل أو إلى الجميع والضمير بمعنى اسم الاشارة وعن أبي حيان أن الضمير لا يجوز افراده مع العطف بالواو فالظاهر عوده على أقرب مذكور وهو الزرع ويكون قد حذف حال النخل للالة هذه الحال عليها والتقدير