حرجا لايدخلحرجا لايدخل فيه شيء من أنوار شمس العرفان كأنما يصعد في السماء نبوا وهربا عن قبول ذلك لأنه خلاف استعداده وقيل : المعنى فمن يرد الله أن يهديه للتوحيد يشرح صدره لقبول نور الحق واسلام الوجود إلى الله سبحانه بكشف حجب صفات نفسه عن وجه قلبه الذي يلي النفس فينفسخ لقبول نور الحق ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا باستيلاء النفس عليه وضغطها له كما يصعد في سماء روحه مع تلك الهيآت البدنية المظلمة وذلك أمر محال وقيل غير ذلك كذلك يجعل الله الرجس أي رجس التلوث بنتن الطبيعة على الذين لا يؤمنون وهم المحجوبون عن الحق و هذا أي طريق التوحيد أو الجعل صراط ربك أي طريقه الذي ارتضاه أو عادته التي اقتضتها حكمته قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون المعارف والحقائق المركوزة في استعدادهم لهم دار السلام عند ربهم هي ساحة جلاله وحضائر قدس صفاته ومساقط صفاته وقوع أنوار جماله المنزهة عن خطر الحجاب وعلة المتاعب وطريان العذاب وهو وليهم بنعت رعايتهم وكشف جماله لهم أو وليهم يحفظهم عن رؤية الغير في البين ويجوز أن يكون المعنى لهم دار السلامة من كل خوف وآفة حيث يكون العبد فيها في ظل الذات والصفات وريف البقاء بعد الفناء والكثير على أن السلام من اسمائه تعالى فما ظنك بدار تنسب اليه جل شانه : إذا نزلت سلمى بواد فماؤه زلال وسلسال وأشجاره ورد نسال الله تعالى أن يدخلنا هاتيك الدار بحرمة نبيه المختار صلى الله عليه وسلّم ويوم يحشرهم جميعا نصب على الظرفية والعامل فيه مقدر أي اذكر أو تقول أو كان ما لا يذكر لفظاعته وجوز أن يكون مفعولا به لمقدر أيضا أي اذكر ذلك اليوم والضمير المنصوب لمن يحشر من الثقلين وقيل : للكفار وقرأ حفص عن عاصم وروح عن يعقوب يحشر بالياء والباقون بنون العظة على الالتفات لتهويل الأمر .
وقوله سبحانهيا معشر الجن على إضمار القول والمعشر الجماعة أمرهم واحد وقال الطبرسي : الجماعة التامة من القوم التي تشتمل على أصناف الطوائف ومنه العشرة لأنها تمام العقد والمراد بالجن أو بمعشرهم على ما قيل الشياطين وذكر بعض الفضلاء أن الجن يقال على وجهين أحدهما للروحانيين المستترين عن الحواس كلها فيدخل فيهم الملائكة والشياطين وثانيهما للروحانيين مما عدا الملائكة وقال آخرون : إن الروحانيين ثلاثة أخبار وهم الملائكة وأشرارهم وهم الشياطين وأوساط فيهم أخبار وأشرار وأياما كان فالمقصود بالنداء الاشرار الذين يغوون الناس فانهم أهل الخطاب بقوله سبحانه : قد استكثرتم من الانس أي أكثرتم من اغوائهم وإضلالهم كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد والزجاج فالكلام على حذف مضاف أو منهم بان جعلتموهم أتباعهم فحشروا معكم كما يقال : استكثر الامير من الجنود وهذا بطريق التوبيخ والتقريع .
قيل : وإنما ذكر المعشر في جانب الجن دون جانب الأنس لما أن الاغواء كثيرا ما يقتضي التظاهر والتعاون وفي المعشر نوع إيماء اليه ولا كذلك الغوى وقال أولياؤهم أي الذين أطاعوهم واتبعوهم من الانس أي الذين هم من الانس أو كائنين منهم فمن إا لبيان الجنس أو متعلقة بمحذوف وقع حالا من أولياء ربنا استمتع بعضنا ببعض أي انتفع الانس بالجن حيث دلوهم على الشهوات وما يتوصل به اليها