ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة تصريح بما أشعر به قوله D : وما يشعركم الخ من الحكمة الداعية إلى ترك الاجابة الى ما اقترحوا وبيان لكذبهم في ايمانهم على أبلغ وجه وآكده أي ولو أنا لم نقتصر على ما اقترحوه ههنا بل نزلنا اليهم الملائكة كما سألوه بقولهم : لولا أنزل علينا الملائكة وقولهم لو ما تأتينا بالملائكة 0 وكلمهم الموتى بأن أحييناهم وشهدوا بحقية الايمان حسبما اقترحوه بقولهم : فأتوا بآبائنا وحشرنا أي جمعنا وسوقنا عليهم كل شيء قبلا أي مقابلة ومعاينة حتى يواجهوهم كما روي عن ابن عباس وقتادة وهو على هدا مصدر كما قاله غير واحد وإلى ذلك ذهب ابن زيد وعنه : يقال لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا وقبيلا كله بمعنى واحد وهو المواجهة ونقل الراغب أنه جمع قابل بمعنى مقابل لحواسهم وقيل : هو جمع قبيل بمعنى كفيل كرغيف ورغف وقضيب وقضب فهو من قولك : قبلت الرجل وتبلت به إذا تكلفت به ومنه القبالة لكتاب العهد والصك وروي ذلك عن الفراء وعن مجاهد تفسيره بالجماعة على أنه جمع قبيلة كما قال الراغب ونقل تفسيره بالكفيل وبالجماعة وكذا بالمعاينة والمقابلة في قوله تعالى : أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أي لو أحضرنا لديهم كل شيء تتأتى منهم الكفالة والشهادة بحقية الايمان لا فرادى بل بطريق المعية أو لو حشرنا عليهم كل شيء جماعات في موقف واحد ما كانوا ليؤمنوا أي ما صح ولا استقام لهم الايمان وانتصاب قبلا على هذه الأقوال على أنه حال من كل وساغ ذلك على القول بجمعيته لأن كلا يجوز مراعاة معناه ومراعاة لفظه كما نص عليه النحاة واستشهدوا له بقول عنترة : جادت عليه كل عين ثرة فتركن كل حديقة كالدرهم إد قال تركن دون تركت فلا حاجة الى ما قيل إن ذلك باعتبار لازمة وهو الكل المجموعي : وقرأ نافع وابن عامر قبلا بكسر القاف وفتح الباء وهو مصدر بمعنى مقابلة ومشاهدة ونصبه على الحال كما قال الفراء والزجاج وكثير وعن المبرد أنه بمعنى جهة وناحية فانتصابه على الظرفية كقولهم : لي قبل فلان كذا وقريء قبلا بضم فسكون وماكانوا الخ جواب لووهو إدا كان منفيا لا تدخله اللام خلافا لمن وهم فقدرها .
وعلل هذا الحكم بسوء استعدادهم الثابت أزلا في علم الله تعالى المتعلق بالأشياء حسبما هي عليه في نفس الأمر وعلله البعض بسبق القضاء عليهم بالكفر واعترض عليه بعض الأفاضل بأن فيه تعليل الحوادث بالتقدير الأزلي ولا يخفى فساده وعلله ببطلان استعدادهم وتبدل فطرتهم القابلة بسوء اختيارهم وتبعه في ذلك شيخ الاسلام وعلله بتماديهم في العصيان وغلوهم وتمردهم في الطغيان معترضا على ماذكر بانه من الأحكام المترتبة على التمادي المذ : ور حسبما ينبيء عنه قوله تعالى : ونذرهم في طغيانهم يعمهون وتعقب ذلك الشهاب