لو قلنا رأينا الانسان صدقنا أن نقول رأينا من مضى من الناس ومن بقي ومن في زماننا من كونهم أنسانا من حيث شخصيته كل انسان ولما كان العالم أجمعه وآحاده على صورة حق ورأينا الحق فقد رأينا وصدقنا وإذا نظرنا في عين التمييز في عين عين لم نصدق إلى ءاخر ما قال وفي ذلك تحقيق نفيس لهذا المطلب ومنه يعلم ما في قول بعضهم لا تركه الأبصار لغاية ظهوره سبحانه وهو اللطيف إذ لا الطف كما قال الشيخ الأكبر قدس سره من هوية تكون عين بصر العبد الخبير أي العليم خبرة أنه بصر العبد والله من ورائهم محيط .
وليس كمثله شيء وهو السميع البصير وعن الجنيد قدس سره للطيف من نور قلبك بالهدى وربي جسمك بالغذاء وجعل لك الولاية بالبلوى ويحرسك وأن في لظى ويدخلك جنة المأوى وقال غيره : اللطيف ان دعوته لباك وان قصدته أواك وأن أحببته أدناك وان أطعته كافاك وان أغضبته عافاك وإن أعرضت عنه دعاك وان أقبلت اليه هداك وان عصيته داعاك وهو كلام ما ألطفه قد جاءكم بصائر من ربكم وهي صور تجليات صفاته وقال بعض العارفين : انها كلماته التي تجلى منها لذوي الحقائق وبرزت من تحت سرادقاتها أنوار نعوته الأزلية فمن أبصر واهتدى فلنفسه ذلك الابصار أي أن ثمرته تعود اليه ومن عمي واحتجب عن الهدى فعليها عماه واحتجابه وما أنا عليكم بحفيظ بل الله تعالى حفيظ عليكم وسائر شؤونكم به موجودون وكذلك نصرف الآيات لقوم يعلمون قال ابن عطاء أي حقيقة البيان وهو الوقوف معه حيث ما وقف والجري معه حيث ما جرى لا يتقدم بغلبته ولا يتخلف عنه لعجزه وقال آخر : المعنى يعرفون قدري ويفهمون خطابي لا من لا يعرف مكان خطابي ومرادي من كلامي اتبع ما أوحي اليك من ربك قيل : هو إشارة إلى وحي خاص به صلى الله عليه وسلّم لا يتحمله غيره أو إشارة إلى الوحي بالتوحيد ولذا وصف سبحانه نفسه بقوله لا إله إلا هو ثم قال جل شأنه وأعرض عن المشركين المحجوبين بالكثرة عن الوحدة ولو شاء الله ما أشركوا بل شاء سبحانه اشراكهم لأنه المعلوم له جل شأنه أزلا دون إيمانهم ولا يشاء إلا ما يعلمه دون ما لا يعلمه من النفي الصرف ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله بل ارشدوهم إلى الحق بالتي هي أحسن فيسبوا الله عدوا بغير علم بأن يسبوكم وأنتم أعظم مظاهره كذلك زينا لكل أمة عملهم إذ هو الذي طلبوه منه بالسنة استعدادهم الأزلي من شأننا أن لا نرد طالبا وأقسموا جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها أي أنهم طلبوا خوارق العادات وأعرضوا عن الحجج البينات لاحتجابهم بالحس والمحسوس قل إنما الآيات عند الله فيأتي بها حسبما تقتضيه الحكمة وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون لسبق الشقاء عليهم ونقلب أفئدتهم وأبصارهم لاقتضاء استعدادهم ذلك كما لم يؤمنوا به أول مرة حين أعرضوا عن الحجج البينات أو في الأزل ونذرهم في طغيانهم الذي هو لهم بمقتضى استعدادهم يعمهون يترددون متحيرين لا يدرون وجه الرشاد ومن يضلل الله فما له من هاد 8 بسم الله الرحمن الرحيم