وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال قالوا يا محمد لتنتهين عن سبك آلهتنا أو لنهجون ربك فنهاهم الله تعالى أن يسبوا أوثانهم وفي رواية عنه أنهم قالوا ذلك عند نزول قوله تعالى : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم نزلت ولا تسبوا الخ واستشكل ذلك بأن وصف آلهتهم بأنها حصب جهنم وبأنها لا تضر ولا تنفع سب لها فكيف نهى عنه بما هنا وأجيب بأنهم إذا قصدوا بالتلاوة سبهم وغيظهم يستقيم النهي عنها ولا بدع في ذلك كما ينهى عن التلاوة في المواضع المكروهة .
وقال في الكشف : المعنى على هذه الرواية لا يقع السب منكم بناء على ماورد في الآية فيصير سبا لسبهم وقيل ما في الآية لا يعد سبا لأنه ذكر المساويء لمجرد التحقير والاهانة وما فيها إنما ورد الاستدلال على عدم صلوحها للالوهية والمعبودية وفيه تأمل وقريب منه ما قيل إن النهي في الحقيقة إنما هو عن العدول عن الدعوة إلى السب كأنه قيل لا تخرجوا من دعوة الكفارومحاجتهم إلى أن تسبوا ما يعبدونه من دون الله تعالى فان ذلك ليس من الحجاج في شيء ويجر إلى سب الله D واستدل بالآية على أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة وجب تركها فان مايؤدي إلى الشر شر وهذا بخلاف الطاعة في موضع فيه معصية لا يمكن دفعها وكثيرا ما يشتبها ولذا لم يحضر ابن سيرين جنازة اجتمع فيها الرجال والنساء وخالفه الحسن قائلا لو تركنا الطاعة لأجل المعصية لأسرع ذلك في ديننا للفرق بينهما .
ونقل الشهاب عن المقدسي في الرمز أن الصحيح عند فقهائنا أنه لا يترك ما يطلب لمقارنة بدعة كترك إجابة دعوة لما فيها من الملاهي وصلاة جنازة لنائحة فان قدر على المنع منع وإلا صبر وهذا إذا لم يقتد به وإلا لا يقعد لأن فيه شين الدين وما روي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه ابتلي به كان قبل صيرورته إاما يقتدى به ونقل عن أبي منصور أنه قال كيف نهانا الله تعالى عن سب من يستحق السب لئلا يسب من لا يستحقه وقد أمرنا بقتالهم وإذا قاتلناهم قتلونا وقتل المؤمن بغير حق منكر وكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بالتبليغ والتلاوة عليهم وان كانوا يكذبونه وانه أجاب بان سب الآلهة مباح غير مفروض وقتالهمفرض وكذا التبليغ وما كان مباحا ينهى عما يتولد منه ويحدث وما كان فرضا لا ينهى عما يتولد منه وعلى هذا يقع الفرق لأبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فيمن قطع يد قاطع قصاصا فمات منه فانه يضمن الدية لأن استيفاء حقه مباخ فاخذ بالمتولد منه والامام إذا قطع يد السارق فمات لا يضمن لأنه فرض عليه فلم يؤخذ بالمتولد منه أه ومن لا تحمل الطاعة فيما تقدم على إطلاقها كذلك أي مثل ذلك التزيين القوي زينا لكل أمة من الأمم عملهم من الخير والشر باحداث ما يمكنهم منه ويحملهم عليه توفيقا أو تخذيلا وجوز أن يراد بكل أمة أمم الكفر إذ الكلام فيهم وبعملهم شرهم وفسادهم والمشبه به تزيين سب الله تعالى شأنه لهم واستدل بالآية على أنه تعالى هو الذي زين للكافر الكفر كما زين للمؤمن الايمان .
وانكر ذلك المعتزلة وزين لهم الشيطان أعمالهم فتأولوا الآية لما لا يخفى ضعفه ثم إلى ربهم مالك أمرهم مرجعهم أي رجعوهم ومصيرهم بالبعث بعد الموت فينبئهم من غير تأخير بما كانوا يعملون .
801 .
- في الدنيا على الاستمرار من خير أو شر وذلك بالثواب على ألاول والعقاب على القاني فالجملة للوعد والوعيد