وفسر بعضهم ما بالسيئات المزينة لهم وقال : إن هذا وعيد بالجزاء والعذاب كقول الرجل لمن يتوعده سأخبرك بما فعلت وأقسموا أي المشركون بالله جهد أيمانهم أي جاهدين فيها فجهد مصدر في موضع الحال .
وجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض أي أقسموا بجهد أيمانهم أي أوكدها وهو بفتح الجيم وضمها في الأصل بمعنى الطاقة والمشتقة وقيل : بالفتح للمشتقة وبالضم الوسع وقيل : ما يجهد الانسان والمعنى هنا على ما قال الراغب ك أنهم حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم لئن جاءتهم ءاية من مقترحاتهم أو من جنس الآيات ورجحه بعض المحققين بأنه الأنسب بحالهم في المكابرة والعناد وترامي أمرهم في العتو والفساد حيث كانوا لا يعدون ما يشاهدونه من المعجزات القاهرة من جنس الآيات فاقترحوا غيرها ليؤمنن بها وما كان مرمى غرضهم إلا التحكم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم في طلب المعجزة وعدم الاعتداد بما شاهدوا منه E من البينات والباء صلة الايمان والمراد من الايمان بها التصديق بالنبي A وجعلها للسببية على معنى ليؤمنن بسببها خلاف الظاهر .
قل إنما الآيات أي كلها فيدخل ما أقترحواه فيها دخولا أوليا عند الله أي امرها في حكمه وقضائه خاصة يتصرف فيها حسب مشيئته المبنية على الحكم البالغة لا تتعلق بها قدرة أحد ولا مشيئته استقلالا ولا اشتراكا بوجه من الوجوه حتى يمكنني أن أتصدى لانزالعا بالاستدعاء وهذا كما ترى سدا لباب الاقتراح .
وقيل : إن المعنى إنما الآيات عند الله لا عندي فكيف أجيبكم اليها أو ءاتيكم بها أو المعنى هو القادر عليها لا أنا حتى ءاتيكم بها واعترض ذلك شيخ الاسلام بعد أن اختار ما قدمناه بأنه لا مناسبة له بالمقام كيف لا وليس مقترحهم مجيئها بغير قدرة الله تعالى فتدبر روي أن قريشا اقترحوا بعض ءايات فقال رسول الله صلى الله تعالىعليه وسلم : فان فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني فقالوا : نعم وأقسموا لئن فعلته لنؤمنن جميعا فسأل المسلمون رسول الله صلى الله تعالىعليه وسلم أن ينزلها طمعا في ايمانهم فهم E بالدعاء فنزلت وأخرج ابن جرير عن محمد القرظي قال : كلم رسول الله A قريشا فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى عليه السلام كان معه عصا يضرب بها الحجر وان عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى وأن ثمود كانت لهم ناقة فأتنا ببعض تلك الآيات حتى نصدقك فقال رسول الله A أي شيء تحبون أن آتيكم به قالوا : تحول لنا الصفا ذهبا قال : فان فعلت تصدقوني قالوا نعم والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين فقام رسول الله E يدعو فجاءه جبريل عليه السلام فقال ان شئت أصبح الصفا ذهبا فان لم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم وان شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم فقال A اتركهم حتى يتوب تائبهم فانزل الله تعالى هذه الآية إلى تجهلون .
وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون .
901 .
- كلام مستأنف غير داخل تحت الأمر مسوق من جهته تعالى لبيان الحكمة فيما أشعر به الجواب السابق من عدم مجيء الآيات خوطب به المؤمنون كما قال الفراء وغيره إا خاصة بطريق التلوين لما كانوا راغبين في نزولها طمعا في اسلامهم وإما معه E