بالقبيح والمراد من الموصول إما المشركون على معنى لا تسبوهم من حيث عبادتهم لآلهتهم كأن تقولوا تبا لكم ولما تعبدونه مثلا أو آلهتهم فالآية صريحة في النهي عن سبها والعائد حينئذ مقدر أي الذين تدعونهم .
والتعبير عنها بالذين مبني على زعمهم أنها من أهل العلم أو على تغليب العقلاء منها كالملائكة والمسيح وعزير عليهم الصلاة والسلام وقيل : إن سب الآلهة سب لهم كما يقال ضرب الدابة صفع لراكبها فيسبوا الله عدوا تجاوزا عن الحق الى الباطل ونصبه على أنه حال مؤكدة وجوز أبو البقاء أن يكون على أنه مفعول له وأن يكون على المصدرية من غير لفظ الفعل و يسبوا منصوب على جواب النهي وقيل : مجزوم على العطف كقولهم : لاتمددها فتشققها .
ومعنى سبهم لله D افضاء كلامهم اليه كشتمهم له صلى الله عليه وسلّم ولمن يأمره وقد فسر بغير علم بذلك أي فيسبوا الله تعالى بغير علم انهم يسبونه وإلا فالقوم كانوا يقرون بالله تعالى وعظمته وأن آلهتهم إنما عبدوها لتكون شفعاء لهم عنده سبحانه فكيف يسبونه ويحتمل أن يراد سبهم له عز اسمه صريحا ولا اشكال بناء على أن الغضب والغيظ يحملهم على ذلك ألا ترى أن المسلم قد تحمله شدة غيظه على التكلم بالكفر .
ومما شاهدناه أن بعض جهلة العوام أكثر الرافضة سب الشيخين رضي الله تعالى عنهما عنده فغاظهذلك جدا فسب عليا كرم الله تعالى وجهه فسئل عن ذلك فقال : ما أردت إلا اغاظتهم ولم أر شيئا يغيظهم مثل ذلك فاستتيب عن هذا الجهل العظيم وقال الراغب : إن سبهم لله تعالى ليس أنهم يسبونه جل شأنه صريحا ولكن يخوضون في ذكره تعالى ويتمادون في ذلك بالمجادلة ويزدادون في وصفه سبحانه بما ينزه تقدس اسمه عنه وقد يجعل الاصرار على الكفر والعناد سبا وهو سب فعلي قال الشاعر : وما كان ذنب بني مالك بأن سب منهم غلاما فسب بأبيض ذي شطب قاطع يقد العظام ويبري العصب ونبه به على ما قاله الآخر : .
ونشتم بالافعال لا بالتكلم .
وقيل : المراد بسب الله تعالى سب الرسول A ونظير ذلك من وجه قوله تعالى : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله الآية وقرأ يعقوب عدوا يقال : عدا فلان يعدو عدوا وعدوا وعدوانا أخرج ابن ابي حاتم عن السدي قال : لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمره أن ينهى عنا ابن أخيه فانا نستحي أن نقتله بعد موته فتقول العرب : كان يمنعه فلما مات قتلوه فانطلق أبو سفيان وابو جهل والنضر بن الحرث وأمية وأبي ابنا خلف وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص والأسود بن البحتري إلى أبي طالب فقالوا أنت كبيرنا وسيدنا وان محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعنه والهه فدعاه فجاء النبي A فقال له أببو صالب : هؤلاء قومك وبنو عمك فقال رسول الله A : ماذا تريدون قالوا نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك والهك فقال أبو طالب : قد أنصفك قومك فاقبل منهم فقال رسول الله A : أرأيتكم إن أعطيتكم هذا فهل أنتم معطي كلمة ان تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم قال أبو جهل نعم لنعطينكها وأبيك وعشر وامثالها فما هي قال قولوا لا إله إلا الله فأبوا واشمأزوا فقال أبو طالب قل غيرها يا ابن أخي فان قومك قد فزعوا منها فقال A : يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها ولو أتوني بالشمس فوضوعوها في يدي ما قلت غيرها فقالوا لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ولنشتمن من يأمرك فأنزل الله تعالى هذه الآية