لأنه لا يقدر الفعل موليا لفاء الجواب بل قدر معمول الفعل الماضي مقدما ولا بد فيه من الفاء فلو قلت : من أكرم زيد فلنفسه أكرمه لم يكن بد من الفاء نعم لم يعهد تعدية عمي بعلي وهو لازم التقدير السابق في الجملة الثانية وكأنه لذلك عدل عنه بعضهم بعد أن وافق في الأول الى قوله : فعليها وباله وما أنا عليكم بحفيظ وإنما أنا منذر والله تعالى هو الذي يحفظ أعمالكم ويجازيكم عليها : وكذلك أي مثل ذلك التصريف البديع نصرف الآيات الدالة على المعاني الرائقة الكاشفة عن الحقائق الفائقة لا تصريفا أدنى منه .
وقيل : المراد كما صرفنا أةيات قبل نصرف هذ الآيات وقد تقدم لك ما هو الحري بالقبول واصل التصريف كما قال علي بن عيسى م اجراء المعنى الدائر في المعاني المتعاقبة من الصرف وهو نقل الشيء من حال الى حال .
وقال الراغب التصريف كالصرف إلا في التكثير وأكثره ما يقال في صرف الشيء من حال الى حال وأمر الى أمر .
وليقولوا درست علة لفعل قد حذف تعويلا على دلالة السياق عليه أي وليقولوا درست نفعل ما نفعل من التصريف المذكور وبعضهم قدر الفعل ماضيا والأمر في ذلك سهل واللام لام العاقبة .
وجوز أن تكون للتعليل على الحقيقة لأن نزول الآيات لا ضلال الأشقياء وهداية السعداء قال تعالى يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا والواو اعتراضية وقيل : هي عاطفة على علة محذؤفة واللام متعلقة بنصرف أي مثل ذلك التصريف نصرف الآيات لتلزمهم الحجة وليقولوا الخ وهو أولى من تقدير لينكروا وليقولوا الخ وقيل : اللام لام الأمر وينصره القراءة بسكون اللام كأنه قيل : وكذلك نصرف الآيات وليقولوا هم كما يقولون فانهم لا احتفال بهم ولا اعتداد بقولهم وهو أمر معناه الوعيد والتهديد وعدم الاكتراث ورده في الدر المصون بأن ما بعده يأباه فان اللام فيه نص في أنها لام كي وأصله على ما قال الأصمعي من قولهم : درس الطعام يدرسه دراسا إذا داسه كأن التالي يدوس الكلام فيخف على لسانه .
وقال أبو الهيثم : يقال درست الكتاب أي ذللته بكثرة القراءة حتى خف حفظه من قولهم : درست الثوب أدرسه درسا فهو مدروس ودريس أي أخلقته ومنه قيل للثوب الخلق : دريس لأنه قد لان والدرسة الرياضة ومنه درست السورة حتى حفظتها وهذا كما قال الواحدي قريب مما قاله الأصمعي أو هو نفسه لأن المعنى يعود فيه الى التذليل والتليين وقال الراغب : يقال درس الدار أي بقي أثره وبقاء الأثر يقتضي انمحاء في نفسه فلذلك فسر الدروس بالانمحاء وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن ادامة القراءة بالدرس وهو بعيد عما تقدم كما لا يخفى وقرأ ابن كثير وأبو عمرو دارست بالألف وفتح التاء وهي قراءة ابن عباس ومجاهد أي دارست يا محمد غيرك ممن يعلم الأخبار الماضية وذكرته وأراد بذلك نحو ما أرادوه بقولهم إنما يعلمه بشر قال الامام ويقوي هذه القراءة قوله تعالى حكاية عنهم : إن هذا إلا أفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون وقرأ ابن عامر ويعقوب وسهل درست بفتح السين وسكون التاء ورويت عن عبد الله نبن الزبير وأبي وابن مسعود والحسن رضي الله تعالى عنهم .
والمعنى قدمت هذه الآيات وعفت وهو كقولهم أساطير الاولين وقريء درست بضم الراء مبالغة في