لايقدرونلايقدرون على شيء ما من المقدورات إلا باذنه تعالى ومشيئته وتمكينه فلا تدركه الابصار إلا باذنه وهو المطلوب .
ويؤيد هذا البيان ويشيد أركانه أن لاتدركه الابصار وقع بعد قوله سبحانه : وهو على كل شيء وكيل ووجه التأييد أن الله تعالى أخبر بأنه على كل شيء وكيل أي متول لأموره ومعلوم أن الأبصار من الأشياء وأن ادراكها من أمورها فهو سبحانه وتعالى متوليها ومتصرف فيها على حسب مشيئته فيفيض عليها الادراك ويأذن لها إدا شاء كيف شاء وعلى الحد الذي شاء ويقبض عنها الادراك قبضا كليا أو جزئيا في أي وقت شاء كيف شاء ولا يخفى على هذا أنه غاية التمدح باعزة والقهر والغلبة فان من هو على كل شيء وكيل إذا لم تدركه الأبصار إلا باذنه مع كونه يدرك الابصار ولا تخفى عليه خافية كان ذلك غاية في عزته وقهره وكونه غالبا على أمره .
وذهب بعض المحققين أن الآية لم اسق للتمدح وإنما سيقت للتخويف بأنه سبحانه رقيب من حيث لا يرى فليحذر وهو ظاهر على التفسير الثاني للوكيل الرابع من الوجوه يجوز أن يكون المراد لا تدركه الأبصار على الوجه المعتاد في رؤية المحسوسات المشروطة التسعة العادية على ما يشير إليه آخر اةية ومعلوم أن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام فلا يلزم على هذا من الآيةنفي الرؤية مطلقا الخامس ما قيل : أنا لو سلمنا للخصم ما أراد نقول إن الآية إنما تدل على أن الأبصار لا تدركه ونحن نقول به وندعي أن ذوي الابصار يدركونه والاعتراض بأنه كما أن الأبصار لا تدركه فكذلك لا يدركه غيرها فلا فائدة للتخصيص مدفوع بانه انما يلزم انتفاء الفائدة أن لو انحصرت في نفي حكم المنطوق على المسكوت وهو غير مسلم ولعله كان بخصوص سؤال سائل عنه دون غيره أو لمعنى آخر .
السادس أنا سلمنا أن المراد لا يدركه المبصرون بابصارهم لكنه لا يفيد المطلوب أيضا لجواز حصول إدراك الله تعالى بحاسة سادسة مغايرة لهذ الحواس كما يدعيه ضرار بن عمرو الكوفي فقد نقل عنه أنه كان يقول : إن الله تعالى لا يرى بالعين وإنما بحاسة سادسة يخلقها سبحانه يوم القيامة واحتج عليه بهذه الآية فقال : إنها دلت على تخصيص ففي إدراك الله تعالى بالبصر وتخصيص الحكم بالشيء يدل على أن الحال في غيره بخلافه فوجب أن يكون إدراك الله تعالى بغير البصر جائزا في الجملة ولما ثبت أن سائر الحواس الموجودة الآن لا يصلح لذلك ثبت أنه تعالى بخلق يوم القيامة حاسة سادسة بها تحصل رؤية الله تعالى وإدراكه أه .
ومن الناس من استدل بالآية على أن الاطلاع على كنه ذات الله تعالى ممتنع بناء على أن الابصار جمع بصر بمعنى البصيرة وقرره كما قرر المعتزلة استدلالهم على امتناع الرؤية وفيه ما فيه نعم احتمال حمل البصر على البصيرة مما يوهن استدلال المعتزلة كما لا يخفى ولهم في هذا المطلب أدلة أخرى نقلية سيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على بعضها وعقلية قد عقلها القوم في معاطن البطلان ولعل النوبة تفضي إلى تسريح بعملات الاقلام في رياض تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى الملك العلام فمنه التوفيق لادراك أبصار الافهام مخفيات الأسرار وفلق صباح الحق بسواطع الأنوار وهو يدرك الأبصار أي يراها على وجه الاحاطة أو يحيط بها علما أو علما ورؤية كما قيل وذكر الآمدي أن البصريين من المعتزلة ذهبوا إلى أن ادراك الله تعالى بمعنى