هيهي ألف واثنان وعشرون ورتبوا الثوابت على ست أقدار وسموها أقدارا متزائدة سدسا سدسا وجعلوا كل قدر على ثلاث مراتب أعظم وأوسط وأصغر ولهم تقسيمات لها باعتبارات أخر بنوا عليها ما بنوا ولا يكاد يسلم لهم إلا ما لم يلزم منه محذور في الدين .
لتهتدوا بها بدل من ضمير لكم باعادة العامل بدل اشتمال كأنه قيل جعل النجوم لاهتدائكم في ظلمات البر والبحر أي في ظلمات الليل في البر والبحر واضافتها اليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق وسماها ظلمات على الاستعارة وهذا إفراد لعض منافعها بالذكر حسبما يقتضيه المقام وإلا فهي أجدى من تفاريق العصا وهي في جميع ما يترتب عليها كسائر الأسباب العادية لا تأثير لها بانفسها ولا بأس في تعلم علم النجوم ومعرفة البروج والمنازل والاوضاع ونحو ذلك مما يتوصل به إلى مصلحة دينية .
قال العلامة ابن حجر عليه الرحمة : والمنهي عنه من علم النجوم ما يدعيه أهلها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمان كمجيء المطر ووقوع الثلج وهبوب الريح وتغير الأسعار ونحو ذلك يزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب لاقترانها وافتراقها وهذا علم استأثر به الله تعالى به لا يعلمه أحد غيره فمن ادعى علمه بذلك فهو فاسق بل ربما يؤدي به الى الكفر فأما من يقول : إن الاقتران أو الافتراق الذي هو كذا جعله الله تعالى علامة بمقتضى ما أطردت به عادته الالهية على وقوع كذا وقد يتخلف فلا اثم عليه بذلك وكذا الاخبار عما يدرك بطريق المشاهدة من علم النجوم الذي يعلم به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي من الوقت فانه لا إثم فيه بل هو فرض كفاية وأما ما في حديث الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم صلاة الصبح في أثر ماء أي مطر كان من الليل فلما انصرف أقبل علينا فقال : أتدرون ما قال ربكم قالوا : الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أعلم قال : أصبح من عبادي مؤمن وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله تعالى فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ومن قال : مطرنا بنوء كذا فذاك كافر بي مؤمن بالكواكب فقد قال العلماء : إنه محمول على ما إذا قال ذلك مريدا أن النوء هو المحدث أما لو قال ذلك على معنى أن النوء علامة على نزول المطر ومنزله هو الله تعالى وحده فلا يكفر لكن يكره له قول ذلك لأنه من ألفاظ الكفر انتهى واقول : قد كثرت الأخبار في النهي عن علم النجوم والنظر فيها فقد أخرج ابن أبي شيبة وابو داود وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد وأخرج الخطيب عن ميمون بن مهران قال : قلت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما أوصني قال أوصيك بتقوى الله وإياك وعلم النجوم فانه يدعوا إلى الكهانة واخرج عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : نهاني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن النظر في النجوم وعن أبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهما نحوه وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن متعلم حروف أبي جادوراء في النجوم ليس له عند الله تعالى خلاق يوم القيامة وأخرج أبو الخطيب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر