ثمثم انتهوا إلى غير ذلك من الاخبار ولعل ما تفيده من النهي عن التعلم من باب سد الذرائع لأن ذلك العلم ربما يجر إلى محظور شرعا كما يشير اليه خبر ابن مهران وكذأ النهي عن النظر فيها محمول على النظر الذي كان تفعله الكهنة الزاعمون تأثير الكواكب بأنفسها والحاكمون بقطعية ما تدل عليه بتثليثها وتربيعها واقترانها ومقابلتها مثلا من الاحكام بحيث لا تتخلف قطعا على أن الوقوف على جميع ما أودع الله تعالى في كل كوكب مما يمتنع الغير علام الغيوب والوقوف على البعض أو الكل في البعض لا يجدي نفعا ولا يفيد إلا ظنا المتمسك به كالمتمسك بحبال القمر والقابض عليه كالقابض على شعاع الشمس نعم إن بعض الحوادث في عالم الكون والفساد قد جرت عادة الله تعالى باحداثه في الغالب عند طلوع كوكب أو غروبه أو مقارنته لكوكب آخر وفيما يشاهد عند غيبوبة الثريا وطلوعها وطلوع سهيل شاهد لما ذكرنا ولا يبعد أن يكون ذلك من الأسباب العادية وهي قد تتخلف مسبباتها عنها سواء قلنا : إن التأثير عندها كما هو المشهور عن الاشاعر أم قلنا : إنها المؤثرة باذن الله تعالى كما هو المنصور عند السلف ويشير اليه كلام حجة الاسلام الغزالي في العلة فمتى أخبر المجرب عن شيء من ذلك على هذا الوجه لم يكن عليه بأس وما أخرجه الخطيب عن عكرمة أنه سأل رجلا عن حساب النجوم وجعل الرجل يتحرج أن يخبره فقال عكرمة : سمعت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول : علم عجز الناس عنه وددت أني علمته .
ةنا أخرجه الزبير بن بكار عن عبد الله بن حفص قال : خصت العرب بخصال بالكهانة والقيافة والعياقة والنجوم والحساب فهدم الاسلام الكهانة وثبت الباقي بعد ذلك وقول الحسن بن صالح : سمعت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في النجوم : ذلك علم ضيعه الناس فلعل ذلك إن صح محمول على نحو ما قلنا وبعد هذا كله أقول : هو علم لا ينفع والجهل به لا يضر فما شاء الله تعالى كان ومالم يشأ لم يكن قد فصلنا الآيات أي بينا الآيات المتلوة المذكورة لنعمه سبحانه التي هذه النعمة من جملتها أو الآيات التكوينية الدالة على شؤونه تعالى فصلا فصلا لقوم يعلمون .
79 .
- معني الآيات المذكورة فيعملون بموجبها أو يتفكرون في الآيات التكوينية فيعلمون حقيقة الحال وتخصيص التفصيل بهم مع عمومه للكل لأنهم المنتفعون به .
وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة 9 أي آدم عليه السلام وهو تذكير لنعمة أخرى فان رجوع الكثرة إلى أصل واحد أقرب إلى التواد والتعاطف وفيه أيضا دلالة على عظيم قدرته سبحانه وتعالى فمستقر ومستودع أي فلكم استقرار في الاصلاب أو فوق الأرض واستيداع في الارحام أو في القبر أو موضع استقرار واستيداع فيما ذكر وجعل الصلب مقر النطفة والرحم مستودعها لأنها تحصل في الصلب لا من قبل شخص آخر وفي الرحم من قبل الأب فاشبهت الوديعة كأن الرجل أودعها ما كان عنده وجعل وجه الأرض مستقرا وبطنها مستودعا لتوطنهم في الأول واتخاذهم المنازل والبيوت فيه وعدم شيء من ذلك في الثاني وقيل : التعبير عن كونهم في الاصلاب او فوق الأرض بالاستقرار لأنهما مقرهم الطبيعي كما أن التعبير عن كونهم في الارحام او في القبر بالاستيداع لما أن كلا منهما ليس بمقرهم الطبيعي .
وأخرج جماعة منهم الحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المستقر الرحم والمستودع الأصلاب وجاء في رواية أن حبر تيما كتب اليه يساله رضي الله تعالى عنه عن ذلك فاجابه بما ذكر