عليه وسلم مطلقا وأيا ما كان فكفرهم برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وما أنزل عليه من القرآن يستلزم كفرهم بما يصدقه جميعا وتقديم الجار والمجرور على الفاعل لما مر غير مرة فقد وكلنا بها أي أمرنا برعايتها ووفقنا للايمان بها والقيام بحقوقها قوما فخاما ليسوا بها بكافرين .
98 .
- في وقت من الأوقات بل مستمرون على الايمان بها والمراد بهم ما أخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعبد بن حميد عن سعيد بن المسيب أهل المدينة من الأنصار وقيل : أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مطلقا وقيل : كل مؤمن من بني آدم عليه السلام وقيل : الفرس فان كلا من هؤلاء الطوائف موفقون للايمان بالأنبياء وبالكتب المنزلة اليهم عاملون بما فيها من أصول الشرائع وفروعها الباقية في شريعتنا وعن قتادة أنهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المذكورون وعليه يكون المراد بالتوكيل الأمر بما هو أعم من إجراء أحكامها كما هو شأنهم في حق كتابهم ومن اعتقاد حقيتها كما هو شأنهم في حق سائر الكتب التي نور فرقها القرآن ورجح واختار هذا الزجاج ورجحه الزمخشري بوجهين الأول أن الآية التي بعد إشارة إلى الأنبياء المذكورين عليهم السلام فان لم يكن الموكلون هم لزم الفصل بالأجنبي الثاني أنه مرتب بالفاء على ما قبله فيقتضي ذلك واستبعد بعضهم فان الظاهر كون مصدق النبوة ومنكرها مغايرا لمن أوتيها .
وأخرج ابن حميد وغيره عن أبي رجاء العطاري أنهم الملائكة فالتوكيل حينئذ هو الأمر بانزالها وحفظها واعتقاد حقيتها واستبعد الامام لأن القوم قلما يقع على غير بني آدم وأيا ما كان فتنوين قوما للتفخيم كما أشرنا إليه وهو مفعول وكلنا و بها قبله متعلق بما عنده وتقديمه على المفعول الصريح لما مر ولأن فيه طولا ربما يؤدي تقديمه إلى الاخلال بتجاوب النظم الكريم أو الى الفصل بين الصفة والموصوف والباء التي بعد صلة لكافرين قدمت محافظة على الفواصل والتي بعدها لتأكيد النفي وجواب الشرط محذوف يدل عليه جملة فقد وكلنا الخ أي فان يكفر بها هؤلاء فلا اعتداد به أصلا فقد وفقنا للايمان قوما مستمرين على الايمان بها والعمل بما فيها ففي إيمانهم مندوحة عن إيمان هؤلاء ومن هذا يعلم أن الأرجح كما قال شيخ الاسلام تفسير القوم باحدى الطوائف ممن عدا الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام إذ بايمانهم بالقرآن والعمل بأحكامه يتحقق الغنية عن إيمان الكفرة به والعمل باحكامه ولا كذلك إيمان الانبياء والملائكة عليهم السلام اولئك أي الانبياء المذكورين كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والسدي وأبن زيد وقيل : الاشارة إلى المؤمنين الموكلين وروي ذلك عن الحسن وقتادة ولا يخفى ما فيه وهو مبتدأ خبره قوله سبحانه : الذين هدى الله أي هديناهم الى الحق والصراط المستقيم والالتفات الى الاسم الجليل للاشعار بعلة الهداية وحفظ المهدي اليه اعتمادا على غاية ظهوره فبهداهم اقتده أي اجعل هداهم منفردا بالاقتداء واجعل الاقتداء مقصورا عليه والمراد بهداهم عند جمع طريقهم في الايمان بالله تعالى وتوحيده وأصول الدين دون الشرائع القابلة للنسخ فانها بعد النسخ لا تبقى هدى وهم أيضا مختلفون فيها فلا يمكن التأسي بهم جميعا ومعنى أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بالاقتداء بذلك الأخذ به لا من حيث أنه طريق أولئك الفخام بل من حيث أنه طريق العقل والشرع ففي ذلك تعظيم لهم على أن طريقهم هو الحق الموافق