لدليل العقل والسمع وبهذا أجاب العلامة الثاني عما أورده سؤالا من أن الواجب في الاعتقادات وأصول الدين هو اتباع الدليل من العقل والسمع فلا يجوز سيما للنبي صلى الله عليه وسلّم أن يقلد غيره فيما معنى أمره E بالاقتداء وأورد عليه أن اعتقاده E حينئذ ليس لأجل اعتقادهم بل لأجل الدليل فلا معنى لامره بالاقتداء بذلك واعترض أيضا بأن الأخذ باصول الدين حاصل له قبل نزول اةية فلا معنى للامر بأخذ ما قد أخذ قبل اللهم الا أن يحمل على الأمر بالثبات عليه وحقق القطب الرازي في حواشيه على الكشاف أنه يتعين ان الاقتداء المأمور به ليس إلا في الاخلاق الفاضلة والصفات الكاملة كالحلم والصبر والزهد وكثرة الشكر والتضرع ونحوها ويكون في الآية دليل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل منهم قطعا لتضمنها أن الله تعالى هدى اولئك الانبياء عليهم والسلام إلى فضائل الاخلاق وصفات الكمال وحيث أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقتدي بهداهم جميعا امتنع للعصمة أن يقال : إنه لم يمتثل فلابد أن يقال : إنه E قد أمتثل وآتى بجميع ذلك وصل تلك الاخلاق الفاضلة التي في جميعهم فاجتمع فيه من خصال الكمال ما كان متفرقا فيهم وحينئذ يكون أفضل من جميعهم قطعا كما أنه أفضل من كل واحد منهم وهو استنباط حسن .
واستدل بعضهم بها على أنه A متعبد بشرع من قبله وليس بشيء وفي أمره E بالاقتداء بهم دون الاقتداء بهم ما لا يخفى من الاشارة إلى علو مقامه A عند أرباب الذوق والهاء في اقتده هاء السكت التي تزاد في الوقف ساكنة أيضا اجراء للوصل مجرى الوقف وبذلك قرا ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم ويحذف الهاء في الوصل خاصة حمزة والكسائي وقرأ ابن عامر اقتده بكسر الهاء من غير اشباع وهو الذي تسميه القراء اختلاسا وهي رواية هشام عنه وروى غيره اشباعها وهو كسرها ووصلها بياء وزعم أبو بكر بن مجاهد أن قراءة ابن عامر غلط معللا ذلك بان الهاء هاء الوقف فلا تحرك في حال من الأحوال وإنما تذكر ليظهر بها حركة ما قبلها وتعقبه أبو علي الفارسي بأن الهاء ضمير المصدر وليست هاء السكت أي اقتد الاقتداء ومثله كما قال ابو البقاء قوله : هذا سراقة للقرآن يدرسه والمرء عند الوشا إن يلقها ذيب فان الهاء فيه ضمير الدرس لا مفعول لأن يدرس قد تعدى إلى القرآن وقال بعضهم : إن هاء السكت قد تحرك تشبيها لها بهاء الضمير والعرب كثيرا ما تعطي الشيء حكم ما يشبهه وتحمله عليه وقد روي قول أبي الطيب : .
واحر قلباه مما قلبه شبم .
بضم الهاء وكسرها على أنها هاء السكت شبهت بهاء الضمير فحركت واستحسن صاحب الدر المصون جعل الكسر لالتقاء الساكنين لا لشبه الضمير لأن هاءه لا تكسر بعد الألف فكيف ما يشبهها ورعم الامام أن اثبات الهاء في الوصل للاقتداء بالامام ولا يقتدى به في ذلك لأنه يقتضي أن القراءة بغير نقل تقليد للخط وهو وهم قل لا أسألكم أي لا أطلب منكم عليه أي على القرآن أو على التبليغ فان مساق الكلام يدل عليهما وإن لم يجر ذكرهما أجرا أي جعلا قل أو أكثر كما لم يسأله من قبلي من