خوفهم في محل الخوف مسوق لالجائهم الى الاعتراف باستحقاقه عليه السلام لما هو عليه من الامن وبعدم استحقاقهم لما هم عليه وبهذا وبهذا يعلم ما في دعوى أن الانكار في الجملة الأولى لنفي الوقوع وفي الثانية لاستبعاد الواقع وإنما جيء بصيغة التفضيل المشعرة باستحقاقهم له في الجملة لاستنزالهم عن رتبة المكابرة والاعتساف بسوق الكلام على سنن الانصاف والمراد بالفريقين الفريق الآمن في محل الأمن والآمن في محل الخوف فايثار ما في النظم الكريم كما قيل م على أن يقال : فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم لتأكيد الالجاء إلى الجواب بالتنبيه على علة الحكم والتفادي عن التصريح بتخطئتهم التي ربما تدعو إلى اللجاج والعناد مع الاشارة بما في النظم إلى أن أحقية الامن لا تخصه عليه السلام بل تشمل كل موحد ترغيبا لهم في التوحيد إن كنتم تعلمون .
18 .
- أي من هو أحق بذلك أو شيء من الأشياء أو ان كنتم من أولي العلم فاخبروني بذلك وقريء سلطانا بضم اللام وهي لغة اتبع فيها الضم الضم الذين ءامنوا استئناف يحتمل أن يكون من جهته تعالى مبين للجواب الحق الذي لا محيد عنه .
وروي ذلك عن محمد بن اسحق وابن زيد والجبائي ويحتمل أن يكون من جهة إبراهيم عليه السلام وروي ذلك عن علي كرم الله تعالى وجهه واستشل كونه استئنافا بانه لا يمكن جعله بيانا لأنه ما كان جواب سؤال مقدر وهذا جواب سؤال محقق ولا نحويا لما قال ابن هشام إن الاستئناف النحوي ما كان في ابتداء الكلام ومنقطعا عما قبله وهذا مرتبط بما قبله لارتباط الجواب والسؤال ضرورة وليس عندنا غيرهما .
واجيب باختيار كونه نحويا ومعنى كونه منقطعا عما قبله أن لا يعطف عليه ولا يتعلق به من جهة الاعراب وإن ارتبط بوجه آخر وقيل : المراد بابتداء الكلام ابتداؤه تحقيقا أو تقديرا أي الفريق الذين آنوا بما يجب الايمان به ولم يلبسوا أي لم يخلطوا إيمانهم ذلك بظلم أي شرك كما يفعله الفريق المشركون حيث يزعمون أنهم مؤمنون بالله تعالى وان عبادتهم لغيره سبحانه معه من تتمات ايمانهم وأحكامه لكونهما لاجل التقريب والشفاعة كما ينبيء عنه قولهم : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وإلى تفسير الظلم بالشرك هنا ذهب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وابن المسيب وقتادة ومجاهد وأكثر المفسرين ويؤيد ذلك أن الآية واردة مورد الجواب عن حال الفريقين .
ويدل عليه ما أخرجه الشيخان وأحمد والترمذي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن اةية لما نرلت شق ذلك على الصحابة رضي الله تعالى عنهم وقالوا : أينا لم يظلم نفسه فقال صلى الله عليه وسلّم : ليس ما تظنون إنما هو ما قال لقمان عليه السلام لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ولا يقال : أنه لا يلزم من قوله : إن الشرك الخ أن غير الشرك لا يكون ظلما لأنهم قالوا : إن التنوين في بظلم للتعظيم فكأنه قيل : لم يلبسوا إيمانهم بظلم عظيم ولما تبين أن الشرك ظلم عظيم علم أن المراد لم يلبسوا إيمانهم بشرك أو أن المتبادر من المطلق أكمل إفراده وقيل : المراد به المعصية وحكي ذلك عن الجبائي والبلخي وارتضاه الزمخشري تبعا لجمهور المعتزلة .
واستدلوا بالآية على أن صاحب الكبيرة لا أمن له ولا نجاة من العذاب حيث دلت بتقديم لهم الآتي على اختصاص الأمن بمن لم يخلط إيمانه بظلم أي بفسق وادعوا أن تفسيره بالشرك يأباه ذكر اللبس أي