الخلط إذ هو لايجامع الايمان للضدية وإنما يجامع المعاصي والحديث خبر واحد فلا يعمل به في مقابلة الدليل القطعي والقول بأن الفسق أيضا لا يجامع الايمان عندهم أيضا فلا يتم لهم الاستدلال لكونه اسما لفعل الطاعات واجتناب السيئات حتى أن الفاسق ليس بمؤمن كما أنه ليس بكافر مدفوع كما قيل بأنه كثيرا ما يطلق الايمان على نفس التصديق بل لا يكاد يفهم منه بلفظ الفعل غير هذا حتى أنه يعطف عليه عمل الصالحات كما جاء في غير ما آية وأجيب بأنه أريد بالايمان تصديق القلب وهو قد يجامع الشرك كان يصدق بوجود الصانع دون وحدانيته كما أشرنا اليه آنفا ومن ذلك قوله تعالى : وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون وكذا إدا أريد به مطلق التصديق سواء كان باللسان أو غيره بل المجامعة على هذا أظهر كما في المنافق ولو أريد به التصديق بجميع ما يجب التصديق به بحيث يخرج عن الكفر يقال : إنه لا يلزم من لبس الايمان بالشرك الجمع بينهما بحيث يصدق عليه أنه مؤمن ومشرك بل تغطيته بالكفر وجعله مغلوبا مضمحلا أو اتصافه بالايمان ثم الكفر ثم الايمان ثم الكفر مرارا وبعد تسليم جميع ما ذكر نقول : إن قوله تعالى : اولئك لهم الأمن إنما يدل على اختصاص الأمن بغير العصاة وهو لا يوجب كون العصاة معذبين البتة بل خائفين ذلك موقعين للاحتمال ورجحان جانب الوقوع وقيل المراد من الأمن الأمن من خلود العذاب لا الأمن من العذاب مطلقا والموصول مبتدأ واسم الاشارة مبتدأ ثان والاشارة الى الموصول من حيث اتصافه بما في حيز الصلة وفي الاشارة اليه بما فيه معنى البعد بعد وصفه بما ذكر ما لا يخفى وجملة لهم الامن من الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر الاول وجوز أن يكون اولئك بدلا من الموصول أو عطف بيان له و لهم هو الخبر والامن فاعلا للظرف لاعتماده على المبتدأ وأن يكون لهم خبرا مقدما و الامن مبتدأ مؤخر أو الجملة خبر الموصول وجوز أبو البقاء كون الموصول خبر مبتدأ محذوف وقال : التقدير هم الذين ولا يخلوا عن بعد والأكثرون على الاول وهم مهتدون .
28 .
- الى الحق ومن عداهم في ضلال مبين وقدر بعضهم الى طريق توجب الامن من خلود العذاب وتلك اشارة الى ما أحتج به إبراهيم عليه السلام من قوله سبحانه : فلما جن الليل الخ وقيل من قوله سبحانه أتحاجوني الى وهم مهتدون وتركيب حجة اصطلاحية منه يحتاج إلى تأمل وما في اسم الاشارة من معنى البعد لتفخيم شأن المشار اليه وهو مبتدأ وقوله عز شأنه : حجتنا خبره وفي إضافته الى نون العظة من التفخيم ما لا يخفى وقوله تعالى : ءاتيناها إبراهيم أي أرشدناه اليها أو علمناه إياها في موضع الحال من حجة والعامل فيه معنى الاشارة أو في محل الرفع على أنه خبر ثان أو هو الخبر و حجتنا بدل او بيان للمبتدأ وجور أم تكون جملة آتينا الخ معترضة أو تفسيرية ولا يخفى بعده وابراهيم مفعول أول لآتينا قدم على الثاني لكونه ضميرا .
وقوله سبحانه : على قومه متعلق بحجتنا أن جعل خبرا لتلك أو بمحذوف إن جعل بدلا لئلا يلزم الفصل بين أجزاء البدل بأجنبي أي آتيناها إبراهيم حجة على قومه ولم يجوز أبو البقاء تعلقه بحجتنا أصلا للمصدرية والفصل ولعل المجوز لا يرى المصدرية مانعة عن تعلق الظرف ويجعل الفصل مغتفرا وقيل : يصح