ما سلكت طريقكم بالفرض والتقدير وتبين بطلانها تبينا تاما كما شاهدتموه وعلى القولين لا يقتضي سبق ضلال له E وجهل بمعرفة ربه جل وعلا وهدان يرسم كما قال الأجهوري بلا ياء .
ولا أخاف ما تشركون به جواب كما روي عن ابن جريج عما خوفوه عليه السلام من إصابة مكروه من جهة معبودهم الباطل كما قال لهود عليه السلام قومه إن نقل إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء وهذا التخويف قيل : كان على ترك عبادة ما يعبدونه وقيل : بل على الاستخفاف به واحتقاره بنحو الكسر والتنقيص وقيل : ولعل ذلك حين فعل بالهتهم ما فعل مما قص الله تعالى علينا وفي بعض الآثار أنه عليه السلام لما شب وكبر جعل آزر يصنع الأصنام فيعطيها له ليبيعها فئذهب وينادي من يشترى ما يضره ولا ينفعه فلا يشتريها أحد فاذأ بارت ذهب بها إلى النهر وضرب فيه رؤوسها وقال لها اشربي استهزاء بقومه حتى فشا فيهم استهزاؤه فجادلوه حينئذ وخوفوه وما موصوله أسمية حذف عائدها والضمير المجرور لله تعالى أي لا أخاف الذي تشركونه به سبحانه وجوز أن يكون عائدا إلى الموصول والياء سببية أي الذي تشركون بسببه وأن تكون نكرة موصوفة وأن تكون مصدرية .
وقوله تعالى : إلا أن يشاء ربي شيئا بتقدير الوقت عند غير واحد مستثنى من أعم الأوقات استثناء مفرغا وقال بعضهم : إن المصدر منصوب على الظرفية من غير تقدير وقت ومنع ذلك ابن الانباري مفرقا بين المصدر الصريح فيجوز نصبه على الظرفية وغير الصريح فلا يجوز فيه ذلك وابن جني لا يفرق بين الصريح وغيره ويجوز ذلك فيهما على السواء والاستثناء متصل في رأي وشيأ مفعول به أو مفعول مطلق أي لا أخاف ما تشركون به في وقت من الاوقات إلا في وقت مشيئته تعالى شيئا من إصابة مكروه لي من جهتها أو شيئا من مشيئته تعالى إصابة مكروه لي من جهتها وذلك إنما هو من جهته تعالى من غير دخل لآلهتكم في إيجاده وإحداثه وجوز أن يكون الاستثناء منقطعا على معنى ولكن أخاف أن يشأ ربي خوفي ما أشركتم به وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الاضافة إلى ضميره عليه السلام إشارة إلى أن مشيئته تلك إن وقعت غير خالية عن مصلحة تعود إليه بالتربية أو إظهار منه E لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى واستسلام لأمره واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته تعالى .
وسع ربي كل شيء علما كأنه تعليل للاستثناء أي أحاط بكل شيء علما فلا يبعد أن يكون في علمه سبحانه انزال المكروه بي من جهتها بسبب من الأسباب ونصب علما على التمييز المحول عن الفاعل وجوز أن يكون نصبا على المصدرية لوسع من غير لفظه وفي الاظهار في موضع الاضمار تأكيد للمعنى المذكور واستلذاذ بذكره تعالى : أفلا تتذكرون .
8 .
- أي أتعرضون بعدما أوضحته لكم عن التأمل في أن آلهتكم بمعزل عن القدرة على شيء ما من النفع أو الضر فلا تتذكرون أنها غير قادرة على إضراري وفي إيراد التذكر دون التفكر ونحوه إشارة إلى أن أمر آلهتهم مركوز في العقول لا يتوقف إلا على التذكير .
وكيف أخاف ما أشركتم استئناف كما قال شيخ الاسلام مسوق لنفي الخوف عنه عليه السلام بحسب زعم الكفرة بالطريق الالزامي بعد نفيه عنه بحسب الواقع ونفس الأمر والاستفهام لانكار