والشمس والقمر لا يصلح شيء منها للربوبية والألوهية ولا يلزم من هذا القدر نفي الشرك مطلقا واثبات التوحيد فلم جزم عليه السلام باثبات التوحيد ونفي الشرك بعد إقامة ذلك الدليل فالجواب بأن القوم كانوا مساعدين على نفي سائر الشركاء وإنما نازعوا في هذ الصورة المعينة فلما ثبت بالدليل على أن هذه الأشياء ليست أربابا ولا آلهة وثبت بالاتفاق نفي غيرها لا جرم حصل الجزم بنفي الشركاء على الاطلاق ثم ان المشهور أن هذا الاستدلال من أول ضروب الشكل الثاني .
والشخصية عندهم في حكم الكلية كأنه قيل : هذا أو القمر أو هذه أو أفلت ولا شيء من الآله بآفل أو ربي ليس بآفل ينتج هذا أو القمر أو هذه ليس باله أو ليس بربي أما الصغرى فهي كالمصرح بها في قوله تعالى فلما أفل في الموضعين وقوله سبحانه : فما أفلت في الأخير وأما الكبرى فمأخوذة من قوله تعالى : لا أحب الآفلين لأنه يشير إلى قياس وهو كل آفل لا يستحق العبودية وكل من لا يستحق العبودية فليس باله ينتج من الأول كل آفل ليس باله ويستلزم لا شيء من اةفل باله لاستلزام الكوجبة المعدولة السالبة المحصلة ويصح جعل الكبرى ابتداء سالبة فينتج ما ذكر وينعكس إلى لا شيء من الاله بآفل وهي أحدى الكبريين ويعلم من هذا بأدنى التفات كيفية أخذ الكبرى الثانية .
وقال الملوي : الأحسن أن يقال إن قوله تعالى : لا أحب الآفلين يتضمن قضية وهي لا شيء من الآفل يستحق العبودية فتجعل كبرى لصغرى ضرورية وهي الاله المستحق للعبودية ينتج لا شيء من الاله بآفل وإذا ضمت هذ النتيجة إلى القضية السابقة وهي هذا آفل ونحوه أنتج من الثاني هذا ليس باله أو لا شيء من القمر باله وإن ضممت عكسها المستوى اليها انتج من الأول المطلوب بعينه فلا يتعين الثاني في الآية بل الأول مأخوذ منها أيضا اه فتأمل فيه ولا تغفل .
وحاجه قومه أي خاصمون كما قال الربيع أو شرعوا في مغالبته في أمر التوحيد تارة بايراد أدلة فاسدة واقعة في حضيض التقليد وأخرى بالتخويف والتهديد قال منكرا عليهم محاجتهم له عليه السلام مع قصورهم عن تلك المرتبة وعزة المطلب وقوة الخصم ووضوح الحق أتحاجوني في الله أي في شأنه تعالى ووحدانيته سبحانه وقرأ نافع وابن عامر في رواية ابن ذ : وان بتخفيف النون ففيه حذف أحدى النونين .
وأختلف في أيهما المحذوفة فقيل : نون الرفع وهو مذهب شيبويه ورجح بأن الحاجة دعت إلى نون مكسورة من أجل الياء ونون الرفع لا تكسر وبأنه جاء حذفها كما في قوله : كل له نية في بغض صاحبه بنعمة الله نقليكم وتقلونا أراد تقلوننا والنون الثانية هنا ليست وقاية بل هي من الضمير وحذف بعض الضمير لا يجوز وبأنها نائبة عن الضمة وهي قد تحذف تخفيفا كما في قراءة أبي عمرو ينصركم ويشعركم ويأمركم وقيل نون الوقاية وهو مذهب الأخفش ورجح بأنها الزائدة التي حصل بها الثقل وقوله تعالى : وقد هدان في موضع الحال من ضمير المتكلم مؤكذة للانكار فان كونه E مهديا من جهة الله تعالى ومؤيدا من عنده سبحانه مما يوجب الكف عن محاجته صلى الله تعالى عليه وسلم وعدم المبالاة بها والالتفات اليها إدا وقعت قيل : والمراد وقد هدان إلى إقامة الدليل عليكم بوحدانيته عز شأنه وقيل : هدان إلى الحق بعد