ينبيء عنه قوله تعالى : فلما رأى الشمس بازغة أي مبتدأة في اللوع مما لا ياد يتصور وقال آخر : أن القمر لم يكن حين رآه في ابتداء الطلوع بل كان وراء جبل ثم طلع منه أو في جانب آخر لا يراه وإلا فلا احتمال لأن يطلع القمر من مطلعه بعد أفول الكوكب ثم يغرب قبل طلوع الشمس انتهى .
ؤانت تعلم أن القول بوجود جبل في المغرب أو المشرق خلاف الظأهر لا سيما على قول شيخ الاسلام لان هذا الاحتجاج كان في نواحي بابل على ما يشير إليه كلام المؤرخين وأهل الاثر وليس هناك اليوم جبل مرتفع بحيث يستتر به الكوكب وقت الظهر من النهار أو بعده بقليل واحتمال كونه كان إذ ذاك ولم يبق بتتالي الاعوام بعيد وكذا يقال على القول المشهور عند الناس اليوم : إن واقعة إبراهيم عليه السلام كانت قريبا من حلب لأنه أيضا ليس هناك جبل شامخ كما يقوله الشيخ على أن المتبادر من البزوغ والافول البزوغ من الافق الحقيقي لذلك الموضع والافول عنه لا مطلق البزوغ والافول .
وقال الشهاب إن الذي ألجاهم إلى ما ذكر التعقيب بالفاء ويمكن أن يكون تعقيبا عرفيا مثل تزوج فولد له اشارة إلى أنه لم تمض أيام وليال بين ذلك سواء كان استدلالا أو وضعا واستدراجا لا أنه مخصوص بالثاني كما توهم على أنا لا نسلم ما ذكر إذا كان كوكبا مخصوصا وإنما يرد لو أريد جملة الكواكب أو واحد لا على التعيين فتأمل انتهى ولا يخفى أن القول بالتعقيب العرفي والتزام أن هذا الاستدلال لم يكن في ليلة واحدة وصبيحتها هو الذي يميل اليه القلب ودعوى أمكان طلوع القمر بعد أفول الكوكب حقيقة وقبل طلوع الشمس وافوله قبل طلوعها لا يدعيها عارف بالهيئة في هذه الآفاق التي نحن فيها لأن امتناع ذلك عادة ولو أريد كوكب مخصوص أمر ظاهر لا سيما على ما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من أن رؤية القمر كانت في ءاخر الشهر نعم قد يمكن ذلك في بعض البروج في عروض مخصوصة لكن بيننا وبينها مهامة فيح ولعله لذلك أمر بالتأمل فتأمل قال أي على المنوال السابق هذا ربي إشارة إلى الجرم المشاهد من حيث هو لا من حيث هو مسمى باسم من الأسامي فضلا عن حيثية تسميته بالشمس ولذا ذكر اسم الاشارة .
وقال ابو حيان يمكن أن يقال : إن أكثر لغة العجم لا تفرق في الضمائر ولا في الاشارة بين المذكر والمؤنث ولا علامة عندهم للتأنيث بل المؤنث والمذكر عندهم سواء فاشير في اةية إلى المؤنث بما يشار به إلى المذكر حين حكى كلام إبراهيم عليه السلام وحين أخبر سبحانه عن المؤنث ببازغة وأفلت أنث على مقتضى العربية إذ ليس ذلك بحكاية .
وتعقب بأن هذا إنما يظهر لو حكي كلامهم بعينه في لغتهم أما إذا عبر عنه بلغة العرب فالمعتبر حكم لغة العرب وقد صرح غير واحد بأن العبرة في التذكير والتأنيث بالحكاية لا المحكي ألا ترى أنه لو قال أحد : الكوب النهاري طلع فحكيته بمعناه وقلت : الشمس طلعت لم يكن لك ترك التأنيث بغير تأويل لما وقع في عبارته وإدا تتبعت ما وقع في النظم الكريم رأيته إنما يراعي فيه الحكاية على أن القول بان محاورة ابراهيم عليه السلام كانت بالعجمية دون العربية مبني على أن إسمعيل عليه السلام أول من تكلم بالعربية والصحيح خلافه .
وقيل : التذكير لتذكير الخبر وقد صرحوا في الضمير واسم الاشارة مثله أن رعاية الخبر فيه أولى من رعاية المرجع لأنه مناط الفائدة في الكلام وما مضى فات وفي الكشاف بعد جعل التذكير لتذكير الخبر