وكانوكان اختيار هذه الطريقة واجبا لصيانة الرب عن شبهة التأنيث واعترض عليه بان هذا في الرب الحقيقي مسلم وما هنا ليس كذلك وأجيب بان ذلك على تقدير أن يكون مسترشدا ظاهر والمراد على المسلك الآخر اظهار صون الرب ليستدرجهم اذ لو حقر بوجه ما كان سببا لعدم اصغائهم وقوله تعالى : هذا أكبر تأكيدا لما رامه E من أظهار النصفة مع اشارة خفية كما قيل الى فساد دينهم من جهة أخرى ببيان أن الاكبر أحق بالربوبية من الأصغر وكون الشمس أكبر مما قبلها مما لا خفاء فيه والآثار في مقدار جرمها مختلفة والذي عليه محققوا أهل الهيئة انها مائة وستة وستون مثلا وربع وثمن مثل الارض وستة آلاف وستمائة وأربة وأربعون مثلا وثلثا مثل للقمر وذكروا أن الأرض تسعة وثلاثون مثلا وخمس وعشر مثل للقمر وتحقيق ذلك في شرح مختصر الهيئة للبرجدي فلما أفلت كما أفل ما قبلها قال لقومه صادحا بالحق بين ظهرانيهم : يا قوم اني بريء مما تشركون .
87 .
- أي من اشراككم او من الذي تشركونه من الاجرام المحدثة المتغيرة من حال إلى أخرى المسخرة لمحدثها وانما أحتج عليه السلام بالافول دون البزوغ مع أنه أيضا انتقال قيل لتعدد دلالته لأنه انتقال مع احتجاب والاول حركة وهي حادثة فيلزم حدوث محلها والثاني اختفاء يستببع امكان موصوفه ولا كذلك البزوغ لأنه وان كان انتقالا مع الروز لكن ليس للثاني مدخل في الاستدلال واعترض بان البزوغ أيضا انتقال مع احتجاب لأن الاحتجاب في الأول لاحق وفي الثاني سابق وكونه عليه السلام رأى الكوكب الذي يعبدونه في وسط السماء كما قيل ولم يشاهد بزوغه فانما يصير نكتة في الكوكب دون القمر والشمس إلا أن يقال بترجيح الافول بعمومه بخلاف البزوغ .
والاولى ما قيل : إن ترتيب هذا الحكم ونظيريه على الافول دون البزوغ والظور من ضروريات سوق الاحتجاج على هذا المساق الحكيم فان كلا منهما وإن كان في نفسه انتقالا منافيا لاستحقاق في الجملة رتب عليه الحكم الاول أعني هذا ربي على الطريقة المذكورة وحيث كان الثاني حالة مقتضية لانطماس الآثار وبطلان الاحكام المنافيين للاستحقاق المذكور منافاة بينة يكاد يعترف بها كل مكابر عنيد رتب عليها ما رتب انتهى .
وبمعنى هذا ما قاله الامام في وجه الاستدلال بالافول من أن دلالته على المقصود ظاهرة يعرفها كل أحد فان الآفل يزول سلطانه وقت الافول ونقل عن بعض المحققين أن الهوى في حضيض الامكان أفول وأحسن الكلام ما يحصل فيه حصة الخواص وحصة الاوساط وحصة العوام فالخواص يفهمون من الافول الامكان وكل ممكن محتاج والمحتاج لا يكون مقطعا للحاجة فلابد من الانتهاء الى ما يكون منزها عن الامكان حتى تنقطع الحاجات بسبب وجوده كما قال سبحانه : وان إلى ربك المنتهى وأما الأوساط فهم يفهمون من الافول مطلق الحركة وكل متحرك محدث وكل محدث فهو محتاج الى القديم القادر فلا يكون الآفل إلها بل الاله هو الذي احتاج اليه ذلك الآفل وأما العوام فانهم يفهمون من الافول الغروب وهم يشاهدون أن كل كوكب يقرب من الافول والغروب فانه يزول نوره وينتقص ضوؤه ويذهب سلطانه ويصير كالمعزول ومن