بسند صحيح عن سليمان بن صرد قال : لما أرادوا أن يلقوا ابراهيم عليه السلام في النار جعلوا يجمعون الحطب حتى ان كانت العجوز لتجمع الحطب فلما تحقق ذلك قال : حسبي الله تعالى ونعم الوكيل فلما ألقوه قال الله تعالى يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فكانت فقال عمه من أجلي دفع عنه فارسل الله تعالى عليه شرارة من النار فوقعت على قدمه فاحرقته .
وبما أخرج عن محمد بن كعب وقتادة ومجاهد والحسن وغيرهم أن ابراهيم عليه السلام لم يزل يستغفر لأبيه حتى مات فلما مات تبين له أنه عدو لله فلم يستغفر له ثم هاجر بعد موته وواقعة النار إلى الشام ثم دخل مصر واتفق له مع الجبار ما اتفق ثم رجع إلى الشام ومعه هاجر ثم أمره الله تعالى أن ينقلها وولدها إسماعيل إلى مكة فنقلها ودعا هناك فقال : ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم الى قوله رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب فانه يستنبط من ذلك أن المذكور في القرءان بالكفر هو عمه حيث صرح في الاثر الأول أن الذي هلك قبل الهجرة هو عمه ودل الأثر الثاني على أن الاستغفار لوالديه كان بعد هلاك أبيه بمدة مديدة فلو كان الهالك هو أبوه الحقيقي لم يصح منه عليه السلام هذا الاستغفار له أصلا فالذي يظهر أن الهالك هو العم الكافر المعبر عنه بالاب مجازا وذلك لم يستغفر له بعد الموت وان المستغفر له إنما هو الاب الحقيقي وليس بازر وكان في التعبير بالوالد في آية الاستغفار وبالأب في غيرها إشارة إلى المغايرة .
ومن الناس من احتج أن آزر ما كان والد ابراهيم عليه السلام بأن هذه دالة على أنه عليه السلام شافهه بالغلظة والجفاء لقوله تعالى : إني أراك وقومك أي الذين يتبعونك في عباداتها في ضلال عظيم عن الحق مبين .
47 .
- أي ظاهر لا اشتباه فيه أصلا ومشافهة الأب بالجفاء لا يجوز لما فيه من الايذاء وآية التأفيف بفحواها تعم سائر أنواع الايذاءات كعمومها للاب الكافر والمسلم وأيضا ان الله تعالى لما بعث موسى عليه السلام إلى فرعون أمره بالرفق معه والقول اللين له رعاية لحق التربية وهي في الوالد أتم وأيضا الدعوة بالرفق أكثر تأثيرا فان الخشونة توجب النفرة فلا تليق من غير ابراهيم عليه السلام مع الاجانب فكيف تليق منه مع أبيه وهو الاواه الحليم وأجيب بان هذا ليس من الايذاء المحرم في شيء وليس مقتضى المقام الا ذاك ولا نسلم أن الداعي لأمر موسى عليه السلام باللين مع فرعون مجرد رعاية حق التربية وقد يقسو