ونحوه و جرحتم على كسبتم ادخالا للمخاطبين الكفرة في جنس جوارح الطير والسباع وبعضهم يجعل الخطاب عاما والمراد من الليل والنهار الجنس المتحقق في كل فرد من افرادهما إد بالتوفي والبعث الموجودين فيهما متحقق قضاء الاجل المسمى المترتب عليهما والباء في الموضعين بمعنى كما أشرنا إليه .
والمراد بعلمه سبحانه ذلك كما قيل : علمه قبل الجرح كما يلوح به تقديم ذكره على البعث أي يعلم ا تجرحون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق وتخصيص التوفي بالليل والجرح بالنهار للجري على السنن المعتاد وإلا فقد يعكس ثم يبعثكم فيه أي يوقضكم في النهار وهل هو حقيقة في هذا المعنى أو مجاز فيه قولان والمتبادر منه في عرف الشرع احياء الموتى في الآخرة وجعلوه ترشيحا للتوفي وهو ظاهر جدا على المتبادر في عرف الشرع لاختصاصه بالمشبه به ويقال غيره : انه لا يشترط في الترشيح اختصاصه بالمشبه به بل أن يكون أخص به بوجه كما قرروه في قوله .
له لبد أظفاره لم تقلم .
والبعث في الموتى أقوى لأن عدم الاحساس فيه كذلك فازالته أشد وقد صرحوا أيضا أن الترشيح يجوز أن يكون باقيا على حقيقته تابعا للاستعارة لا يقصد به إلا تقويتها .
ويجوز أن يكون مستعارا من ملائم المستعار منه لملائم المستعار له والجملة عطف على يتوفاكم وتوسيط ويعلم الخ بينهما لبيان ما في بعثكم من عظيم الاحسان اليهم بالتنبيه على أن ما يكسبونه من الاثم مع كونه مما يستأهلون به ابقاءهم على التوفي بل اهلاكهم بالمرة يفيض سبحانه عليهم الحياة ويمهلهم كما ينبيء عنه كلمة التراخي كأنه قيل : هو الذي يتوفاكم في جنس الليالي ثم يبعثكم في جنس الأنهر مع علمه جل شأنه بما ترتكبون فيها ليقضي أجل مسمى معين لكل فرد وهو أجل بقائه في الدنيا وتكلف الزمخشري في تفسير الآية فجعل ضمير فيه جاريا مجرى أسم الاشارة عائدا على مضمون كونهم متوفين وكاسبين و في بمعنى لام العلة كما في قولك : فيم دعوتني والأجل المسمى هو الكون في القبور أي ثم يبعثكم من القبور في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم من النوم بالليل وكسب الآثام بالنهار ومن أجله ليقضي الأجل الذي سماه سبحانه وضربه لبعث الموتى وجزائهم على أعمالهم وما ذكرناه هو الذي ذهب إليه الزجاج والجبائي وغالب المفسرين وهو عري عن التكلف الذي لا حاجة اليه .
وزعم بعضهم أن الداعي اليه هو أن قوله تعالى : ويعلم ما جرحتم بالنهار دال على حال اليقظة وكسبهم فيها وكلمة ثم تقتضي تأخير البعث عنها فلهذا عدل الرمخشري إلى ما عدل اليه وقال بعض المحققين : إن قوله سبحانه : ويعلم الخ إشارة إلى ما كسب في النهار السابق على ذلك الليل والواو للحال ولا دلالة فيه على الايقاظ من هذا التوفي وان الايقاظ متأخر عن التوفي وأن قولنا : يفعل ذلك التوفي لتقضي مدة الحياة المقدرة كلام منتظم غاية الانتظام ولا يخفى أن فيه تكلفا أيضا مع أن واو الحال لا تدخل على المضارع إلا شذوذا أو ضرورة في المشهور ووجه سنان التراخي المفاد بثم بأن حقيقة الاماتة في الليل تتحقق في أوله والايقاظ متراخ عنه وإن لم يتراخ عن جماعته .
واعترض بأنه حينئذ لا وجه لتوسيط ويعلم الخ بينهما وفيه نظر يعلم مما ذكرنا ثم اليه سبحانه لا إلى غيره أصلا مرجعكم أي رجوعكم ومصيركم بالموت ثم ينبئكم بما كنتم تعملون .
6 .
- بالمجازاة